responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 9  صفحه : 149
وَأَحْسَبُ أَنَّ ذَلِكَ وَصْفٌ مِنْ شَرَعَتِ الْإِبِلُ نَحْوَ الْمَاءِ أَيْ دَخَلَتْ لِتَشْرَبَ، وَهِي إِذا رعها الرُّعَاةُ تَسَابَقَتْ إِلَى الْمَاءِ فَاكْتَظَّتْ وَتَرَاكَمَتْ وَرُبَّمَا دَخَلَتْ فِيهِ، فَمُثِّلَتْ هَيْئَةُ الْحِيتَانِ، فِي كَثْرَتِهَا فِي الْمَاءِ بِالنَّعَمِ الشَّارِعَةِ إِلَى الْمَاءِ وَحَسَّنَ ذَلِكَ وُجُودُ الْمَاءِ فِي الْحَالَتَيْنِ، وَهَذَا أَحْسَنُ تَفْسِيرًا.
وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ وَلَمْ يَمْتَثِلُوا أَمْرَ اللَّهِ بِتَرْكِ الْعَمَلِ فِيهِ، وَلَا اتَّعَظُوا بِآيَةِ إِلْهَامِ الْحُوتِ أَنْ يَكُونَ آمِنًا فِيهِ.
وَقَوْلُهُ: يَوْمَ سَبْتِهِمْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَفْظُ سَبْتٍ مَصْدَرَ سَبَتَ إِذَا قُطِعَ الْعَمَلُ بِقَرِينَةِ ظَاهِرِ قَوْلِهِ: وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ فَإِنَّهُ مُضَارِعُ سَبَتَ، فَيَتَطَابَقُ الْمُثْبَتُ وَالْمَنْفِيُّ فَيَكُونُ الْمَعْنَى: إِنَّهُمْ إِذَا حَفِظُوا حُرْمَةَ السَّبْتِ، فَأَمْسَكُوا عَنِ الصَّيْدِ فِي يَوْمِ السَّبْتِ، جَاءَتِ الْحِيتَانُ يَوْمَئِذٍ شُرَّعًا آمِنَةً، وَإِذَا بَعَثَهُمُ الطمع فِي ورفة الصَّيْدِ فَأَعَدُّوا لَهُ آلَاتِهِ، وَعَزَمُوا عَلَى الصَّيْدِ لَمْ تَأْتِهِمْ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَفْظُ سَبْتِهِمْ بِمَعْنَى الِاسْمِ الْعَلَمِ لِلْيَوْمِ الْمَعْرُوفِ بِهَذَا الِاسْمِ مِنْ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ، وَإِضَافَتُهُ إِلَى ضَمِيرِهِمِ اخْتِصَاصُهُ بِهِمْ بِمَا أَنَّهُمْ يَهُودُ، تَعْرِيضًا بِهِمْ لِاسْتِحْلَالِهِمْ حُرْمَةَ السَّبْتِ فَإِنَّ الِاسْمَ الْعَلَمَ قَدْ يُضَافُ بِهَذَا الْقَصْدِ، كَقَوْل أحد الطائيين:
عَلَا زَيْدُنَا يَوْمَ النَّقَا رَأْسَ زَيْدِكُمْ ... بِأَبْيَضَ مَاضِي الشَّفْرَتَيْنِ يِمَانِ
وَقَوْلِ رَبِيعَةَ بْنِ ثَابِتٍ الْأَسَدِيِّ:
لَشَتَّانَ مَا بَيْنَ الْيَزِيدَيْنِ فِي النَّدَى ... يَزِيدِ سُلَيْمٍ وَالْأَغَرِّ ابْنِ حَاتِمٍ (¬1)
وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ يَجُوزُ فِي قَوْلِهِ: وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى وَالْأَيَّامَ الَّتِي لَا يَحْرُمُ الْعَمَلُ فِيهَا، أَيْ أَيَّامَ الْأُسْبُوعِ، لَا تَأْتِي فِيهَا الْحِيتَانُ، وَأَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى وَأَيَّامَ السُّبُوتِ الَّتِي اسْتَحَلُّوهَا فَلَمْ يَكُفُّوا عَنِ الصَّيْدِ فِيهَا يَنْقَطِعُ فِيهَا إِتْيَانُ الْحِيتَانِ، وَلَا يَخْفَى أَنْ لَا يُثَارَ هَذَا الْأُسْلُوبُ فِي التَّعْبِيرِ عَنِ السَّبْتِ خُصُوصِيَّةٌ بَلَاغِيَّةٌ، تَرْمِي إِلَى إِرَادَةِ كِلَا الْمَعْنَيَيْنِ.
¬
(¬1) يزِيد سليم هُوَ ابْن أسيد السّلمي وَالِي مصر لأبي جَعْفَر الْمَنْصُور وَيزِيد بن حَاتِم الْأَزْدِيّ من آل الْمُهلب بن أبي صفرَة أَمِير مصر وإفريقية لأبي جَعْفَر الْمَنْصُور.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 9  صفحه : 149
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست