responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 9  صفحه : 101
وَجُزِمَ يَأْخُذُوا جَوَابًا لِقَوْلِهِ: وَأْمُرْ تَحْقِيقًا لحُصُول امتثالهم عِنْد مَا يَأْمُرُهُمْ.
وبِأَحْسَنِها وَصْفٌ مَسْلُوبُ الْمُفَاضَلَةِ مَقْصُودٌ بِهِ الْمُبَالَغَةُ فِي الْحُسْنِ، فَإِضَافَتُهَا إِلَى
ضَمِيرِ الْأَلْوَاحِ عَلَى مَعْنَى اللَّامِ، أَيْ: بِالْأَحْسَنِ الَّذِي هُوَ لَهَا وَهُوَ جَمِيعُ مَا فِيهَا، لِظُهُورِ أَنَّ مَا فِيهَا مِنَ الشَّرَائِعِ لَيْسَ بَيْنَهُ تَفَاضُلٌ بَيْنَ أَحْسَنَ وَدُونَ الْأَحْسَنِ، بَلْ كُلُّهُ مَرْتَبَةٌ وَاحِدَةٌ فِيمَا عُيِّنَ لَهُ، وَلِظُهُورِ أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْأَخْذِ بِبَعْضِ الشَّرِيعَةِ وَتَرْكِ بَعْضِهَا، وَلِأَنَّ الشَّرِيعَةَ مُفَصَّلٌ فِيهَا مَرَاتِبُ الْأَعْمَالِ، فَلَوْ أَنَّ بَعْضَ الْأَعْمَالِ كَانَ عِنْدَهَا أَفْضَلَ مِنْ بَعْضٍ، كَالْمَنْدُوبِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُبَاحِ، وَكَالرُّخْصَةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْعَزِيمَةِ، كَانَ التَّرْغِيبُ فِي الْعَمَلِ بِالْأَفْضَلِ مَذْكُورًا فِي الشَّرِيعَةِ، فَكَانَ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَخْذِ بِهَا، فَقَرَائِنُ سَلْبِ صِيغَةِ التَّفْضِيلِ عَنِ الْمُفَاضَلَةِ قَائِمَةٌ وَاضِحَةٌ، فَلَا وَجْهَ لِلتَّرَدُّدِ فِي تَفْسِيرِ الْأَحْسَنِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَالتَّعَزُّبِ إِلَى التَّنْظِيرِ بِتَرَاكِيبَ مَصْنُوعَةٍ أَوْ نَادِرَةٍ خَارِجَةٍ عَنْ كَلَامِ الْفُصَحَاءِ، وَهَذِهِ الْآيَةُ نَظِيرُ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ فِي سُورَةِ الزُّمَرِ [55] . وَالْمَعْنَى:
وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِمَا فِيهَا لحسنها.
سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ.
كَلَامٌ مُوَجَّهٌ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُنْفَصِلًا عَنِ الْكَلَامُ الَّذِي قَبْلَهُ فَيَكُونُ اسْتِئْنَافًا ابْتِدَائِيًّا: هُوَ وَعْدٌ لَهُ بِدُخُولِهِمُ الْأَرْضَ الْمَوْعُودَةَ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْجُمْلَةُ مُتَّصِلَةً بِمَا قَبْلَهَا فَتَكُونُ مِنْ تَمَامِ جُمْلَةِ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها عَلَى أَنَّهَا تَحْذِيرٌ مِنَ التَّفْرِيطِ فِي شَيْءٍ مِمَّا كُتِبَ لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ. وَالْمَعْنَى سَأُبَيِّنُ لَكُمْ عِقَابَ الَّذِينَ لَا يَأْخُذُونَ بِهَا.
وَالدَّارُ الْمَكَانُ الَّذِي تَسْكُنُهُ الْعَائِلَةُ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ فِي سُورَةِ الْقَصَصِ [81] وَالْمَكَانُ الَّذِي يَحُلُّهُ الْجَمَاعَةُ مِنْ حَيٍّ أَوْ قَبِيلَةٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى: فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ [الْأَعْرَاف: 91] وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَتُطْلَقُ الدَّارُ عَلَى مَا يَكُونُ عَلَيْهِ النَّاسُ أَوِ الْمَرْءُ مِنْ حَالَةٍ مُسْتَمِرَّةٍ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ [الرَّعْد: 24] ، وَقَدْ يُرَادُ بِهَا مَآلُ الْمَرْءِ وَمَصِيرُهُ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الدَّارِ يَأْوِي إِلَيْهِ فِي شَأْنِهِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبٌ مِنْ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ [135] .
وَخُوطِبَ بِضَمِيرِ الْجَمْعِ بِاعْتِبَارِ مَنْ مَعَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ شُيُوخِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، أَوْ بِاعْتِبَارِ
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 9  صفحه : 101
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست