responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 8  صفحه : 98
وَمَعْنَى: كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ كَهَذا التّفصيل المتبدئ مِنْ قَوْلِهِ: يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً [الْأَعْرَاف: 26] الْآيَاتِ أَوْ مِنْ قَوْلِهِ: اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ [الْأَعْرَاف: 3] . وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ هَذَا التَّرْكِيبِ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ.
وَالْمُرَادُ بِالْآيَاتِ الدَّلَائِلُ الدَّالَّةُ عَلَى عَظِيمِ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَانْفِرَادِهِ بِالْإِلَهِيَّةِ، وَالدَّالَّةُ عَلَى صِدْقِ رَسُوله محمّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ بَيَّنَ فَسَادَ دِينِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَعَلَّمَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ عِلْمًا كَامِلًا لَا يَخْتَلِطُ مَعَهُ الصَّالِحُ وَالْفَاسِدُ مِنَ الْأَعْمَالِ، إِذْ قَالَ: خُذُوا زِينَتَكُمْ، وَقَالَ: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا [الْأَعْرَاف: 31] ، ثُمَّ قَالَ: وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ
[الْأَعْرَاف: 31] ، وَإِذْ عَاقَبَ الْمُشْرِكِينَ عَلَى شِرْكِهِمْ وَعِنَادِهِمْ وَتَكْذِيبِهِمْ بِعِقَابٍ فِي الدُّنْيَا، فَخَذَلَهُمْ حَتَّى وَضَعُوا لِأَنْفُسِهِمْ شَرْعًا حَرَمَهُمْ مِنْ طَيِّبَاتٍ كَثِيرَةٍ وَشَوَّهَ بِهِمْ بَيْنَ الْمَلَأِ فِي الْحَجِّ بِالْعَرَاءِ فَكَانُوا مَثَلَ سَوْءٍ ثُمَّ عَاقَبَهُمْ عَلَى ذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ، وَإِذْ وَفَّقَ الْمُؤْمِنِينَ لَمَّا اسْتَعَدُّوا لِقَبُولِ دَعْوَةِ رَسُولِهِ فَاتَّبَعُوهُ، فَمَتَّعَهُمْ بِجَمِيعِ الطَّيِّبَاتِ فِي الدُّنْيَا غَيْرَ مَحْرُومِينَ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا أَشْيَاءَ فِيهَا ضُرٌّ عَلِمَهُ اللَّهُ فَحَرَّمَهَا عَلَيْهِمْ، وَسَلَّمَهُمْ مِنَ الْعِقَابِ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ.
وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ: لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ لَامُ الْعِلَّةِ، وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِفِعْلِ نُفَصِّلُ، أَيْ تَفْصِيلُ الْآيَاتِ لَا يَفْهَمُهُ إِلَّا قَوْمٌ يَعْلَمُونَ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمَّا فَصَّلَ الْآيَاتِ يَعْلَمُ أَنَّ تَفْصِيلَهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ ظَرْفًا مُسْتَقِرًّا فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ الْآيَاتِ، أَيْ حَالِ كَوْنِهَا دَلَائِلَ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ، فَإِنَّ غَيْرَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَا تَكُونُ آيَاتٍ لَهُمْ إِذْ لَا
يَفْقَهُونَهَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ فِي ذلِكُمْ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ [99] ، أَيْ كَذَلِكَ التَّفْصِيلُ الَّذِي فَصَّلْتُهُ لَكُمْ هُنَا نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَيَتَجَدَّدُ تَفْصِيلُنَا إِيَّاهَا حِرْصًا عَلَى نَفْعِ قَوْمٍ يَعْلَمُونَ.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 8  صفحه : 98
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست