responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 7  صفحه : 53
بِاعْتِبَارِ الْجَمَاعَةِ. قَالَ تَعَالَى: وَجاءَتْ سَيَّارَةٌ [يُوسُف: 19] . وَالْمَعْنَى أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ تَتَمَتَّعُونَ بِأَكْلِهِ وَيَتَمَتَّعُ بِهِ الْمُسَافِرُونَ، أَيْ تَبِيعُونَهُ لِمَنْ يَتَّجِرُونَ وَيَجْلِبُونَهُ إِلَى الْأَمْصَارِ.
وَقَوْلُهُ: وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً زِيَادَةُ تَأْكِيدٍ لِتَحْرِيمِ الصَّيْدِ، تَصْرِيحًا بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ [الْمَائِدَة: 95] ، وَلِبَيَانِ أَنَّ مُدَّةَ التَّحْرِيمِ مُدَّةُ كَوْنِهِمْ حُرُمًا، أَيْ مُحْرِمِينَ أَوْ مَارِّينَ بِحَرَمِ مَكَّةَ. وَهَذَا إِيمَاءٌ لِتَقْلِيلِ مُدَّةِ التَّحْرِيمِ اسْتِئْنَاسًا بِتَخْفِيفٍ، وَإِيمَاءٌ إِلَى نِعْمَةِ اقْتِصَارِ تَحْرِيمِهِ عَلَى تِلْكَ الْمُدَّةِ، وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَحَرَّمَهُ أَبَدًا. وَفِي «الْمُوَطَّأِ» :
أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ لِعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ: يَا بن أُخْتِي إِنَّمَا هِيَ عَشْرُ لَيَالٍ (أَيْ مُدَّةُ الْإِحْرَامِ) فَإِنْ تَخَلَّجَ فِي نَفْسِكَ شَيْءٌ فَدَعْهُ. تَعْنِي أَكْلَ لَحْمِ الصَّيْدِ.
وَذَيَّلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ. وَفِي إِجْرَاءِ الْوَصْفِ بِالْمَوْصُولِ وَتِلْكَ الصِّلَةُ تَذْكِيرٌ بِأَنَّ الْمَرْجِعَ إِلَى اللَّهِ لِيَعُدَّ النَّاسُ مَا اسْتَطَاعُوا مِنَ الطَّاعَةِ لِذَلِكَ اللِّقَاءِ.
وَالْحَشْرُ: جَمْعُ النَّاسِ فِي مَكَانٍ. وَالصَّيْدُ مُرَادٌ بِهِ الْمَصِيدُ، كَمَا تَقَدَّمَ.
وَالتَّحْرِيمُ مُتَعَلِّقٌ بِقَتْلِهِ لِقَوْلِهِ قَبْلَهُ لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ [الْمَائِدَة: 95] فَلَا يَقْتَضِي قَوْلُهُ: وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً تَحْرِيمَ أَكْلِ صَيْدِ الْبَرِّ عَلَى الْمُحْرِمِ إِذَا
اشْتَرَاهُ مِنْ بَائِعٍ أَوْ نَاوَلَهُ رَجُلٌ حَلَالٌ إِيَّاهُ، لِأَنَّهُ قَدْ عَلِمَ أَنَّ التَّحْرِيمَ مُتَعَلِّقٌ بِمُبَاشَرَةِ الْمُحْرِمِ قَتَلَهُ فِي حَالِ الْإِصَابَةِ.
وَقَدْ أَكَلَ رَسُول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْحِمَارِ الَّذِي صَادَهُ أَبُو قَتَادَةَ، كَمَا فِي حَدِيثِ «الْمُوَطَّأِ» عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ. وَأَمَرَ رَسُول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقِسْمَةِ الْحِمَارِ الَّذِي صَادَهُ زَيْدٌ الْبُهْزِيُّ بَيْنَ الرِّفَاقِ وَهُمْ مُحْرِمُونَ.
وَعَلَى ذَلِكَ مَضَى عَمَلُ الصَّحَابَةِ، وَهُوَ قَوْلُ.
وَأَمَّا مَا صِيدَ لِأَجْلِ الْمُحْرِمِ
فَقَدْ ثَبَتَ أنّ النبيء- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَدَّ عَلَى الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ حِمَارًا وَحْشِيًّا أَهْدَاهُ إِلَيْهِ وَقَالَ لَهُ: «إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلَّا أَنَّا حُرُمٌ» .
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاء فِي مَحل هَذَا الِامْتِنَاعِ. فَقِيلَ: يَحْرُمُ أَنْ يَأْكُلَهُ مَنْ صِيدَ لِأَجْلِهِ لَا غَيْرَ. وَهَذَا قَوْلُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَجَمَاعَةٍ مِنْ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ، وَرِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الضَّمِيرَ
فِي قَول النبيء- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِنَّمَا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلَّا أَنَّا حُرُمٌ»
أَنَّهُ عَائِدٌ
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 7  صفحه : 53
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست