responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 7  صفحه : 337
(87)
جُمْلَةُ وَوَهَبْنا عَطْفٌ عَلَى جملَة آتَيْناها [الْأَنْعَام: 83] لِأَنَّ مَضْمُونَهَا تَكْرِمَةٌ وَتَفْضِيلٌ. وَمَوْقِعُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ وَإِنْ كَانَتْ مَعْطُوفَةً هُوَ مَوْقِعُ التَّذْيِيلِ لِلْجُمَلِ الْمَقْصُودِ مِنْهَا إِبْطَالُ الشِّرْكِ وَإِقَامَةُ الْحُجَجِ عَلَى فَسَادِهِ وَعَلَى أَنَّ الصَّالِحِينَ كُلَّهُمْ كَانُوا عَلَى خِلَافِهِ.
وَالْوَهْبُ وَالْهِبَةُ: إِعْطَاءُ شَيْءٍ بِلَا عِوَضٍ، وَهُوَ هُنَا مَجَازٌ فِي التَّفَضُّلِ وَالتَّيْسِيرِ.
وَمَعْنَى هِبَةِ يَعْقُوبَ لِإِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ وُلِدَ لِابْنِهِ إِسْحَاقَ فِي حَيَاةِ إِبْرَاهِيمَ وَكَبِرَ وَتَزَوَّجَ فِي حَيَاتِهِ فَكَانَ قُرَّةَ عَيْنٍ لِإِبْرَاهِيمَ.
وَقَدْ مَضَتْ تَرْجَمَةُ إِبْرَاهِيمَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ [الْبَقَرَة: 124] . وَتَرْجَمَةُ إِسْحَاقَ، وَيَعْقُوبَ، عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ [الْبَقَرَة: 132] وَقَوْلِهِ: وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ [الْبَقَرَة: 133] كُلُّ ذَلِكَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ.
وَقَوْلُهُ: كُلًّا هَدَيْنا اعْتِرَاضٌ، أَيْ كُلُّ هَؤُلَاءِ هَدَيْنَاهُمْ يَعْنِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ، فَحَذَفَ الْمُضَافَ إِلَيْهِ لِظُهُورِهِ وَعَوَّضَ عَنْهُ التّنوين فِي «كلّ» تَنْوِينَ عِوَضٍ عَنِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ كَمَا هُوَ الْمُخْتَارُ.
وَفَائِدَةُ ذِكْرِ هَدْيِهِمَا التَّنْوِيهُ بِإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ، وَأَنَّهُمَا نَبِيئَانِ نَالَا هُدَى اللَّهِ كَهَدْيِهِ إِبْرَاهِيمَ، وَفِيهِ أَيْضًا إِبْطَالٌ لِلشِّرْكِ، وَدَمْغٌ، لِقُرَيْشٍ وَمُشْرِكِي الْعَرَبِ، وَتَسْفِيهٌ لَهُمْ بِإِثْبَاتِ أَنَّ الصَّالِحِينَ الْمَشْهُورِينَ كَانُوا عَلَى ضِدِّ مُعْتَقَدِهِمْ كَمَا سَيُصَرَّحُ بِهِ فِي قَوْلِهِ: ذلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ [الْأَعْرَاف: 88] .
وَجُمْلَةُ: وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ عَطْفٌ عَلَى الِاعْتِرَاضِ، أَيْ وَهَدَيْنَا نُوحًا مِنْ قَبْلِهِمْ. وَهَذَا اسْتِطْرَادٌ بِذِكْرِ بَعْضِ مَنْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِالْهُدَى، وَإِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْهُدَى هُوَ الْأَصْلُ، وَمِنْ أَعْظَمِ الْهُدَى التَّوْحِيدُ كَمَا عَلِمْتَ.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 7  صفحه : 337
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست