responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 7  صفحه : 282
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ أَنْجَيْتَنَا- بِمُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ بَعْدَ الْجِيمِ وَمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ بَعْدَ التَّحْتِيَّةِ-. وَقَرَأَهُ عَاصِمٌ، وَحَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ أَنْجانا- بِأَلْفٍ بَعْدَ الْجِيمِ- وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ إِلَى مَنْ فِي قَوْلِهِ: قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ.
وَالْإِشَارَةُ بِ هذِهِ إِلَى الظُّلْمَةِ الْمُشَاهَدَةِ لِلْمُتَكَلِّمِ بِاعْتِبَارِ مَا يَنْشَأُ عَنْهَا، أَوْ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ وَهُوَ الشِّدَّةُ، أَوْ إِلَى حَالَةٍ يُعَبَّرُ عَنْهَا بِلَفْظٍ مُؤَنَّثٍ مِثْلَ الشِّدَّةِ أَوِ الْوَرْطَةِ أَوِ الرِّبْقَةِ.
وَالشَّاكِرُ هُوَ الَّذِي يُرَاعِي نِعْمَةَ الْمُنْعِمِ فَيُحْسِنُ مُعَامَلَتَهُ كُلَّمَا وَجَدَ لِذَلِكَ سَبِيلًا. وَقَدْ كَانَ الْعَرَبُ يَرَوْنَ الشُّكْرَ حَقًّا عَظِيمًا وَيُعَيِّرُونَ مَنْ يَكْفُرُ النِّعْمَةَ.
وَقَوْلُهُمْ: مِنَ الشَّاكِرِينَ أَبْلَغُ مِنْ أَنْ يُقَالَ: لِنَكُونَنَّ شَاكِرِينَ، كَمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَما أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ [الْأَنْعَام: 56] .
وَجُمْلَةُ: قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْها تَلْقِينٌ لِجَوَابِ الِاسْتِفْهَامِ مِنْ قَوْلِهِ: مَنْ يُنَجِّيكُمْ أَنْ يُجِيبَ عَنِ الْمَسْئُولِينَ، وَلِذَلِكَ فُصِلَتْ جُمْلَةُ قُلِ لِأَنَّهَا جَارِيَةٌ مَجْرَى الْقَوْلِ فِي الْمُحَاوَرَةِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ. وَتَوَلَّى الْجَوَابَ عَنْهُمْ لِأَنَّ هَذَا الْجَوَابَ لَا يَسَعُهُمْ إِلَّا الِاعْتِرَافُ بِهِ.
وَقَدَّمَ الْمُسْنَدَ إِلَيْهِ عَلَى الْخَبَرِ الْفِعْلِيِّ لِإِفَادَةِ الِاخْتِصَاصِ، أَيِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ لَا غَيْرُهُ، وَلِأَجْلِ ذَلِكَ صَرَّحَ بِالْفِعْلِ الْمُسْتَفْهَمِ عَنْهُ. وَلَوْلَا هَذَا لَاقْتَصَرَ عَلَى قُلِ اللَّهُ. وَالضَّمِيرُ فِي مِنْها لِلظُّلُمَاتِ أَوْ لِلْحَادِثَةِ. وَزَادَ مِنْ كُلِّ كَرْبٍ لِإِفَادَةِ التَّعْمِيمِ، وَأَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِالْمَعْنَيَيْنِ لِمُجَرَّدِ الْمِثَالِ.
وَقَرَأَ نَافِعٌ، وَابْنُ كَثِيرٍ، وَأَبُو عَمْرٍو، وَهُشَامٌ عَنِ ابْنِ عَامِرٍ، وَيَعْقُوبَ يُنَجِّيكُمْ- بِسُكُونِ النُّونِ وَتَخْفِيفِ الْجِيمِ- عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَنْجَاهُ، فَتَكُونُ الْآيَةُ جَمَعَتْ بَيْنَ الِاسْتِعْمَالَيْنِ.
وَهَذَا مِنَ التَّفَنُّنِ لِتَجَنُّبِ الْإِعَادَةِ. وَنَظِيرُهُ فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ [الطارق: 17] .
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 7  صفحه : 282
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست