responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 7  صفحه : 280
وَقَدَّمَ الْمَجْرُورَ فِي قَوْلِهِ لَهُ الْحُكْمُ لِلِاخْتِصَاصِ، أَيْ لَهُ لَا لِغَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنَ الْحُكْمِ جِنْسَ الْحُكْمِ فَقَصْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِمَّا حَقِيقِيٌّ لِلْمُبَالَغَةِ لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِحُكْمِ غَيْرِهِ، وَإِمَّا إِضَافِيٌّ لِلرَّدِّ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، أَيْ لَيْسَ لِأَصْنَامِكُمْ حُكْمٌ مَعَهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنَ
الْحُكْمِ الْحِسَابَ، أَيِ الْحُكْمُ الْمَعْهُودُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَالْقَصْرُ حَقِيقِيٌّ. وَرُبَّمَا تَرَجَّحَ هَذَا الِاحْتِمَالُ بِقَوْلِهِ عَقِبَهُ: وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ أَيْ أَلَا لَهُ الْحِسَابُ، وَهُوَ أَسْرَعُ مَنْ يُحَاسِبُ فَلَا يَتَأَخَّرُ جَزَاؤُهُ.
وَهَذَا يَتَضَمَّنُ وَعْدًا وَوَعِيدًا لِأَنَّهُ لَمَّا أُتِيَ بِحَرْفِ الْمُهْلَةِ فِي الْجُمَلِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَكَانَ الْمُخَاطَبُونَ فَرِيقَيْنِ: فَرِيقٌ صَالِحٌ وَفَرِيقٌ كَافِرٌ، وَذَكَرَ أَنَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ كَانَ الْمَقَامُ مَقَامَ طَمَاعِيَةٍ وَمُخَالَفَةٍ فَالصَّالِحُونَ لَا يُحِبُّونَ الْمُهْلَةَ وَالْكَافِرُونَ بِعَكْسِ حَالِهِمْ، فَعُجِّلَتِ الْمَسَرَّةُ لِلصَّالِحِينَ وَالْمُسَاءَةُ لِلْمُشْرِكِينَ بِقَوْلُهُ: وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ.
[63، 64]

[سُورَة الْأَنْعَام (6) : الْآيَات 63 إِلَى 64]
قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجانا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (63) قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْها وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ (64)
اسْتِئْنَافٌ ابْتِدَائِيٌّ. وَلَمَّا كَانَ هَذَا الْكَلَامُ تَهْدِيدًا وَافْتُتِحَ بِالِاسْتِفْهَامِ التَّقْرِيرِيِّ تَعَيَّنَ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِضَمَائِرِ الْخِطَابِ الْمُشْرِكُونَ دُونَ الْمُسْلِمِينَ. وَأَصْرَحُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ.
وَإِعَادَةُ الْأَمْرِ بِالْقَوْلِ لِلِاهْتِمَامِ، كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ [الْأَنْعَام: 40] الْآيَةَ. وَالِاسْتِفْهَامُ مُسْتَعْمَلٌ فِي التَّقْرِيرِ وَالْإِلْجَاءِ، لِكَوْنِ ذَلِكَ لَا يُنَازَعُونَ فِيهِ بِحَسْبِ عَقَائِدِ الشِّرْكِ.
وَالظُّلُمَاتُ قِيلَ عَلَى حَقِيقَتِهَا، فَيَتَعَيَّنُ تَقْدِيرُ مُضَافٍ، أَيْ مِنْ إِضْرَارِ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، فَظُلُمَاتُ الْبَرِّ ظُلْمَةُ اللَّيْلِ الَّتِي يَلْتَبِسُ فِيهَا الطَّرِيقُ لِلسَّائِرِ وَالَّتِي يُخْشَى فِيهَا الْعَدُوُّ
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 7  صفحه : 280
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست