responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 7  صفحه : 240
لَمَّا تَقَضَّتِ الْمُجَادَلَةُ مَعَ الْمُشْرِكِينَ فِي إِبْطَالِ شِرْكِهِمْ وَدَحْضِ تَعَالِيلِ إِنْكَارِهِمْ نُبُوءَةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ بِنُبُوءَتِهِ إِلَّا إِذَا جَاءَ بِآيَةٍ عَلَى وَفْقِ هَوَاهُمْ، وَأُبْطِلَتْ شُبْهَتُهُمْ بِقَوْلِهِ: وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ [الْأَنْعَام: 48] وَكَانَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ شَمِلَهُ لَفْظُ الْمُرْسَلِينَ، نَقَلَ الْكَلَامَ إِلَى إِبْطَالِ مَعَاذِيرِهِمْ فَأَعْلَمَهُمُ اللَّهُ حَقِيقَةَ الرِّسَالَةِ وَاقْتِرَانِهَا بِالْآيَاتِ فَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ الرَّسُولَ هُوَ الَّذِي يَتَحَدَّى الْأُمَّةَ لِأَنَّهُ خَلِيفَةٌ عَنِ اللَّهِ فِي تَبْلِيغِ مُرَادِهِ مِنْ خَلْقِهِ، وَلَيْسَتِ الْأُمَّةُ هِيَ الَّتِي تَتَحَدَّى الرَّسُولَ، فَآيَةُ صِدْقِ الرَّسُولِ تَجِيءُ عَلَى وَفْقِ دَعْوَاهُ الرِّسَالَةَ، فَلَوِ ادَّعَى أَنَّهُ مَلَكٌ أَوْ أَنَّهُ بُعِثَ لِإِنْقَاذِ النَّاسِ مِنْ أَرْزَاءِ الدُّنْيَا وَلِإِدْنَاءِ خَيْرَاتِهَا إِلَيْهِمْ لَكَانَ مِنْ عُذْرِهِمْ أَنْ يَسْأَلُوهُ آيَاتٍ تُؤَيِّدُ ذَلِكَ، فَأَمَّا وَالرَّسُولُ مَبْعُوثٌ لِلْهُدَى فَآيَتُهُ أَنْ يَكُونَ مَا جَاءَ بِهِ هُوَ الْهُدَى وَأَنْ تَكُونَ مُعْجِزَتُهُ هُوَ مَا قَارَنَ دَعْوَتَهُ مِمَّا يَعْجِزُ الْبَشَرُ عَنِ الْإِتْيَانِ بِمِثْلِهِ فِي زَمَنِهِمْ.
فَقَوْلُهُ قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ اسْتِئْنَافٌ ابْتِدَائِيٌّ انْتَقَلَ بِهِ الْكَلَامُ مِنْ غَرَضٍ إِلَى غَرَضٍ. وَافْتِتَاحُ الْكَلَامِ بِالْأَمْرِ بِالْقَوْلِ لِلِاهْتِمَامِ بِإِبْلَاغِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ [الْأَنْعَام: 40] .
وَقَدْ تَكَرَّرَ الْأَمْرُ بِالْقَوْلِ مِنْ هُنَا إِلَى قَوْلِهِ لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ [الْأَنْعَام: 67] اثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَرَّةً.
وَالِاقْتِصَارُ عَلَى نَفْيِ ادِّعَاءِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْآيَةِ نَاظِرٌ إِلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنَ الْآيَاتِ الَّتِي سَأَلُوهَا مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَقالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ [الْأَنْعَام: 8] وَقَوْلِهِ:
وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ [الْأَنْعَام: 7] وَقَوْلِهِ: فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ [الْأَنْعَام: 35] الْآيَةَ.
وَافْتَتَحَ الْكَلَامَ بِنَفْيِ الْقَوْلِ لِيَدُلَّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ لَمْ يَقْتَرِنْ بِدَعْوَى الرِّسَالَةِ فَلَا وَجْهَ لِاقْتِرَاحِ تِلْكَ الْأُمُورِ الْمَنْفِيِّ قَوْلُهَا عَلَى الرَّسُولِ لِأَنَّ الْمُعْجِزَةَ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تَجِيءَ عَلَى وَفْقِ دَعْوَى الرِّسَالَةِ.
وَاللَّامُ فِي لَكُمْ لَامُ التَّبْلِيغِ، وَهِيَ مُفِيدَةٌ تَقْوِيَةَ فعل القَوْل عِنْد مَا لَا تَكُونُ حَاجَةٌ
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 7  صفحه : 240
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست