responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 7  صفحه : 122
نَزَلَتْ يَوْمَ نُزُولِ قَوْلِهِ تَعَالَى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ [الْمَائِدَة:
3] الْآيَةَ، أَيْ سَنَةَ عَشْرٍ، فَتَكُونُ هَذِهِ الْآيَاتُ مُسْتَثْنَاةً مِنْ مَكِّيَّةِ السُّورَةِ أُلْحِقَتْ بِهَا. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ الْآيَةَ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ [91] . إِنَّ النَّقَّاشَ حَكَى أَنَّ سُورَةَ الْأَنْعَامِ كُلَّهَا مَدَنِيَّةٌ. وَلَكِنْ قَالَ ابْنُ الْحَصَّارِ: لَا يَصِحُّ نَقْلٌ فِي شَيْءٍ نَزَلَ مِنَ الْأَنْعَامِ فِي الْمَدِينَةِ. وَهَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ وَهُوَ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالطَّبَرَانِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهَا نَزَلَتْ بِمَكَّةَ جُمْلَةً وَاحِدَةً وَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكُتَّابَ فَكَتَبُوهَا مِنْ لَيْلَتِهِمْ.
وَرَوَى سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَشَرِيكٌ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيَّةِ: نَزَلَتْ سُورَةُ الْأَنْعَامِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُمْلَةً وَهُوَ فِي مَسِيرٍ وَأَنَا آخِذَةٌ بِزِمَامِ نَاقَتِهِ إِنْ كَادَتْ مِنْ ثِقَلِهَا لَتَكْسِرُ عِظَامَ النَّاقَةِ. وَلَمْ يُعَيِّنُوا هَذَا الْمَسِيرَ وَلَا زَمَنَهُ غَيْرَ أَنَّ أَسْمَاءَ هَذِهِ لَا يُعْرَفُ لَهَا مَجِيءٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ هِجْرَتِهِ وَلَا هِيَ مَعْدُودَةٌ فِيمَنْ بَايَعَ فِي الْعَقَبَةِ الثَّانِيَةِ حَتَّى يُقَالَ: إِنَّهَا لَقِيَتْهُ قَبْلَ الْهِجْرَةِ، وَإِنَّمَا الْمَعْدُودَةُ أَسْمَاءُ بِنْتُ عَمْرِو بْنِ عَدِيٍّ. فَحَالُ هَذَا الْحَدِيثِ غَيْرُ بَيِّنٍ.
وَلَعَلَّهُ الْتَبَسَ فِيهِ قِرَاءَةُ السُّورَةِ فِي ذَلِكَ السَّفْرِ بِأَنَّهَا نَزَلَتْ حِينَئِذٍ.
قَالُوا: وَلَمْ تَنْزِلْ مِنَ السُّورِ الطُّوَالِ سُورَةٌ جُمْلَةً وَاحِدَةً غَيْرُهَا. وَقَدْ وَقَعَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ شَرِيكٍ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ كَمَا عَلِمْتَهُ آنِفًا، فَلَعَلَّ حِكْمَةَ إِنْزَالِهَا جُمْلَةً وَاحِدَةً قَطْعُ تَعَلُّلِ الْمُشْرِكِينَ فِي قَوْلِهِمْ لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً [الْفرْقَان: 32] . تَوَهُّمًا مِنْهُمْ أَنَّ تَنْجِيمَ نُزُولِهِ يُنَاكِدُ كَوْنَهُ كِتَابًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ سُورَةَ الْأَنْعَامِ. وَهِيَ فِي مِقْدَارِ كِتَابٍ مِنْ كُتُبِهِمُ الَّتِي يَعْرِفُونَهَا كَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ، لِيَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ، إِلَّا أَنَّ حِكْمَةَ تَنْجِيمِ النُّزُولِ أَوْلَى بِالْمُرَاعَاةِ. وَأَيْضًا لِيَحْصُلَ الْإِعْجَازُ بِمُخْتَلِفِ أَسَالِيبِ الْكَلَامِ مِنْ قِصَرٍ وَطُولٍ وَتَوَسُّطٍ، فَإِنَّ طُولَ الْكَلَامِ قَدْ يَقْتَضِيهِ الْمَقَامُ، كَمَا قَالَ قَيْسُ بْنُ خَارِجَةَ يَفْخَرُ بِمَا عِنْدَهُ مِنَ الْفَضَائِلِ: «وَخُطْبَةٌ مِنْ لَدُنْ تَطْلُعُ الشَّمْسُ إِلَى أَنْ تَغْرُبَ إِلَخْ» ...
وَقَالَ أَبُو دُؤَادِ بْنُ جَرِيرٍ الْإِيَادِيُّ يَمْدَحُ خُطَبَاءَ إِيَادٍ:
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 7  صفحه : 122
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست