responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 6  صفحه : 47
[سُورَة النِّسَاء (4) : الْآيَات 168 إِلَى 169]
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً (168) إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً (169)
الْجُمْلَةُ بَيَانٌ لِجُمْلَةِ قَدْ ضَلُّوا ضَلالًا بَعِيداً [النِّسَاء: 167] ، لِأَنَّ السَّامِعَ يَتَرَقَّبُ مَعْرِفَةَ جَزَاءِ هَذَا الضلال قبيّنته هَذِهِ الْجُمْلَةُ.
وَإِعَادَةُ الْمَوْصُولِ وَصِلَتِهِ دُونَ أَنْ يُذْكَرَ ضَمِيرُهُمْ لِتُبْنَى عَلَيْهِ صِلَةُ وَظَلَمُوا، وَلِأَنَّ فِي تَكْرِيرِ الصِّلَةِ تَنْدِيدًا عَلَيْهِمْ. وَيَجِيءُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي الْمُرَادِ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْآيَةِ الَّتِي قَبْلَهَا أَنْ يَكُونَ عَطْفُ الظُّلْمِ عَلَى الْكُفْرِ فِي قَوْلِهِ: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا إِمَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ ظُلْمُ النَّفْسِ، وَظُلْمُ النَّبِيءِ وَالْمُسْلِمِينَ، وَذَلِكَ اللَّائِقُ بِأَهْلِ الْكِتَابِ وَإِمَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ الشِّرْكُ، كَمَا هُوَ شَائِعٌ فِي اسْتِعْمَال الْقُرْآن كَقَوْلِه: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لُقْمَان: 13] ، فَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْأَخَصِّ عَلَى الْأَعَمِّ فِي الْأَنْوَاعِ وَإِمَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ التَّعَدِّي عَلَى النَّاسِ، كَظُلْمِهِمُ النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِخْرَاجِهِ مِنْ أَرْضِهِ، وَتَأْلِيبِ النَّاسِ عَلَيْهِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَظُلْمِهِمُ الْمُؤْمِنِينَ بِتَعْذِيبِهِمْ فِي اللَّهِ، وَإِخْرَاجِهِمْ، وَمُصَادَرَتِهِمْ فِي أَمْوَالِهِمْ، وَمُعَامَلَتِهِمْ بِالنِّفَاقِ وَالسُّخْرِيَةِ وَالْخِدَاعِ وَإِمَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ ارْتِكَابُ الْمَفَاسِدِ وَالْجَرَائِمِ مِمَّا اسْتَقَرَّ عِنْدَ أَهْلِ الْعُقُولِ أَنَّهُ ظُلْمٌ وَعُدْوَانٌ.
وَقَوْلُهُ: لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ صِيغَةُ جُحُودٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهَا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى:
مَا كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتابَ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ [79] ، فَهِيَ تَقْتَضِي تَحْقِيقَ النَّفْيِ، وَقَدْ نُفِيَ عَنِ اللَّهِ أَنْ يَغْفِرَ لَهُمْ تَحْذِيرًا مِنَ الْبَقَاءِ عَلَى الْكُفْرِ وَالظُّلْمِ، لِأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ نِيطَ بِالْوَصْفِ وَلَمْ يُنَطْ بِأَشْخَاصٍ مَعْرُوفِينَ، فَإِنْ هُمْ أَقْلَعُوا عَنِ الْكُفْرِ وَالظُّلْمِ لَمْ يَكُونُوا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا. وَمَعْنَى نَفْيِ أَنْ يَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا: إِنْ كَانَ طَرِيقا يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَهُوَ وَاضِحٌ: أَيْ لَا يهْدِيهم طَرِيقا بوصلهم إِلَى مَكَانٍ إِلَّا طَرِيقًا يُوَصِّلُ إِلَى جَهَنَّمَ. وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ مِنَ الطَّرِيقِ الْآيَاتُ فِي الدُّنْيَا، كَقَوْلِهِ: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ [الْفَاتِحَة: 6] . فَنَفْيُ هَدْيِهِمْ إِلَيْهِ
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 6  صفحه : 47
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست