responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 6  صفحه : 165
حَرَّضُوا قَوْمَهُمْ عَلَى غَزْوِ الْعَدُوِّ، وَعَلَيْهِ يَكُونُ قَوْلُهُ: أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا أَنَّ اللَّهَ أَنْعَمَ عَلَيْهِمَا بِالشَّجَاعَةِ، فَحُذِفَ مُتَعَلِّقُ فِعْلِ «أَنْعَمَ» اكْتِفَاءً بِدَلَالَةِ السِّيَاقِ عَلَيْهِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْخَوْفِ الْخَوْفَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، أَيْ كَانَ قَوْلهمَا لقومها «ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ» نَاشِئًا عَنْ خَوْفِهِمَا اللَّهَ تَعَالَى، فَيَكُونُ تَعْرِيضًا بِأَنَّ الَّذِينَ عَصَوْهُمَا لَا يَخَافُونَ اللَّهَ تَعَالَى، وَيَكُونُ قَوْلُهُ: أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا لِبَيَانِ مَنْشَأِ خَوْفِهِمَا اللَّهَ تَعَالَى، أَيِ الْخَوْفُ مِنَ اللَّهِ نِعْمَةٌ مِنْهُ عَلَيْهِمَا. وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الشَّجَاعَةَ فِي نَصْرِ الدِّينِ نِعْمَةٌ مِنَ اللَّهِ عَلَى صَاحِبِهَا.
وَمَعْنَى أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا أَنْعَمَ عَلَيْهِمَا بِسَلْبِ الْخَوْفِ مِنْ نُفُوسِهِمْ وَبِمَعْرِفَةِ الْحَقِيقَةِ.
والْبابَ يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ مَدْخَلُ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ، أَيِ الْمَسَالِكُ الَّتِي يُسْلَكُ مِنْهَا إِلَى أَرْضِ كَنْعَانَ، وَهُوَ الثَّغْرُ وَالْمَضِيقُ الَّذِي يُسْلَكُ مِنْهُ إِلَى مَنْزِلِ الْقَبِيلَةِ يَكُونُ بَيْنَ جَبَلَيْنِ وَعْرَيْنِ، إِذْ لَيْسَ فِي الْأَرْضِ الْمَأْمُورِينَ بِدُخُولِهَا مَدِينَةٌ بَلْ أَرْضٌ لِقَوْلِهِ: ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ، فَأَرَادَا: فَإِذَا اجْتَزْتُمُ الثَّغْرَ وَوَطِئْتُمْ أَرْضَ الْأَعْدَاءِ غَلَبْتُمُوهُمْ فِي قِتَالِهِمْ فِي دِيَارِهِمْ. وَقَدْ يُسَمَّى الثَّغْرُ الْبَحْرِيُّ بَابًا أَيْضًا، مِثْلَ بَابِ الْمَنْدَبِ، وَسَمَّوْا مَوْضِعًا بِجِهَةِ بُخَارَى الْبَابَ. وَحَمَلَ الْمُفَسِّرُونَ الْبَابَ عَلَى الْمَشْهُورِ الْمُتَعَارَفِ، وَهُوَ بَابُ الْبَلَدِ الَّذِي فِي سُورِهِ، فَقَالُوا: أَرَادَا بَابَ قَرْيَتِهِمْ، أَيْ لِأَنَّ فَتْحَ مَدِينَةِ الْأَرْضِ يُعَدُّ مِلْكًا لِجَمِيعِ تِلْكَ الْأَرْضِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الْقَرْيَةَ هِيَ (أَرِيحَا) أَوْ (قَادِشُ) حَاضِرَةُ الْعَمَالِقَةِ يَوْمَئِذٍ، وَهِيَ الْمَذْكُورَةُ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ. وَالْبَابُ بِهَذَا الْمَعْنَى هُوَ دَفَّةٌ عَظِيمَةٌ مُتَّخَذَةٌ مِنْ أَلْوَاحٍ تُوَصَّلُ بِجُزْأَيْ جِدَارٍ أَوْ سُورٍ بِكَيْفِيَّةٍ تَسْمَحُ لِأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ اللَّوْحُ سَادًّا لِتِلْكَ الْفُرْجَةِ مَتَى أُرِيدَ سَدُّهَا وَبِأَنْ تُفْتَحَ عِنْدَ إِرَادَةِ فَتْحِهَا فَيُسَمَّى السَّدُّ بِهِ غَلْقًا وَإِزَالَةُ السَّدِّ فَتْحًا.
وَبَعْدَ أَنْ أَمَرَا الْقَوْمَ بِاتِّخَاذِ الْأَسْبَابِ وَالْوَسَائِلِ أَمَرَاهُمْ بِالتَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ وَالِاعْتِمَادِ عَلَى وَعْدِهِ وَنَصْرِهِ وَخَبَرِ رَسُولِهِ، وَلِذَلِكَ ذَيَّلَا بِقَوْلِهِمَا: إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ، لِأَنَّ الشَّكَّ فِي صِدْقِ الرَّسُولِ مُبْطِلٌ لِلْإِيمَانِ.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 6  صفحه : 165
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست