responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 6  صفحه : 163
سَارَ مِنْهُ. وَالْأَدْبَارُ:
جَمْعُ دُبُرٍ، وَهُوَ الظَّهْرُ. وَالِارْتِدَادُ: الرُّجُوعُ، وَمَعْنَى الرُّجُوعِ عَلَى الْأَدْبَارِ إِلَى جِهَةِ الْأَدْبَارِ، أَيِ الْوَرَاءِ لِأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ الْمَكَانَ الَّذِي يَمْشِي عَلَيْهِ الْمَاشِي وَهُوَ قَدْ كَانَ مِنْ جِهَةِ ظَهْرِهِ، كَمَا يَقُولُونَ: نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ، وَرَكِبُوا ظُهُورَهُمْ، وَارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ، وَعَلَى أَعْقَابِهِمْ، فَعُدِّيَ بِ عَلى الدَّالَّةِ عَلَى الِاسْتِعْلَاءِ، أَيِ اسْتِعْلَاءِ طَرِيقِ السَّيْرِ، نُزِّلَتِ الْأَدْبَارُ الَّتِي يَكُونُ السَّيْرُ فِي جِهَتِهَا مَنْزِلَةَ الطَّرِيقِ الَّذِي يُسَارُ عَلَيْهِ.
وَالِانْقِلَابُ: الرُّجُوعُ، وَأَصْلُهُ الرُّجُوعُ إِلَى الْمَنْزِلِ قَالَ تَعَالَى: فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ [آل عمرَان: 174] . وَالْمُرَادُ بِهِ هَنَا مُطْلَقُ الْمَصِيرِ. وَضَمَائِرُ فِيها ومِنْها تَعُودُ إِلَى الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ.
وَأَرَادُوا بِالْقَوْمِ الْجَبَّارِينَ فِي الْأَرْضِ سُكَّانَهَا الْكَنْعَانِيِّينَ، وَالْعَمَالِقَةَ، وَالْحِثِّيِّينَ، وَالْيَبُوسِيِّينَ، وَالْأَمُورِيِّينَ. وَالْجَبَّارُ: الْقَوِيُّ، مُشْتَقٌّ مِنَ الْجَبْرِ، وَهُوَ الْإِلْزَامُ لِأَنَّ الْقَوِيَّ يَجْبُرُ النَّاسَ عَلَى مَا يُرِيدُ.
وَكَانَتْ جَوَاسِيسُ مُوسَى الِاثْنَا عَشَرَ الَّذِينَ بَعَثَهُمْ لِارْتِيَادِ الْأَرْضِ قَدْ أَخْبَرُوا الْقَوْمَ
بِجَوْدَةِ الْأَرْضِ وَبِقُوَّةِ سُكَّانِهَا. وَهَذَا كِنَايَة عَن مخالفتهم مِنَ الْأُمَمِ الَّذِينَ يَقْطُنُونَ الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ، فَامْتَنَعُوا مِنِ اقْتِحَامِ الْقَرْيَةِ خَوْفًا مِنْ أَهْلِهَا، وَأَكَّدُوا الِامْتِنَاعَ مِنْ دُخُولِ أَرْضِ الْعَدُوِّ تَوْكِيدًا قَوِيًّا بِمَدْلُولِ (إِنَّ) وَ (لَنْ) فِي إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها تَحْقِيقًا لِخَوْفِهِمْ.
وَقَوْلُهُ: فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ تَصْرِيحٌ بِمَفْهُومِ الْغَايَةِ فِي قَوْلِهِ: وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها لِقَصْدِ تَأْكِيدِ الْوَعْدِ بِدُخُولِهَا إِذَا خَلَتْ مِنَ الْجَبَّارِينَ الَّذِينَ فِيهَا.
وَقَدْ أَشَارَتْ هَذِهِ الْآيَةُ إِلَى مَا فِي الْإِصْحَاحِ الثَّالِثَ عَشَرَ وَالرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ سِفْرِ الْعَدَدِ: «أَنَّ اللَّهَ أَمَرَ مُوسَى أَنْ يُرْسِلَ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا جَوَاسِيسَ يَتَجَسَّسُونَ أَرْضَ كَنْعَانَ الَّتِي وَعَدَهَا اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ كُلِّ سِبْطٍ رَجُلًا فَعَيَّنَ مُوسَى اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا، مِنْهُمْ: يُوشَعُ بْنُ نُونٍ مِنْ سِبْطِ أَفْرَايِمَ، وَمِنْهُمْ كَالِبُ بْنُ يَفْنَةَ مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا، وَلَمْ يُسَمُّوا بَقِيَّةَ الْجَوَاسِيسِ.
فَجَاسُوا خِلَالَ الْأَرْضِ مِنْ بَرِّيَّةِ صِينَ إِلَى حَمَاةَ فَوَجَدُوا الْأَرْضَ ذَات ثِمَارٍ وَأَعْنَابٍ وَلَبَنٍ وَعَسَلٍ وَوَجَدُوا سُكَّانَهَا مُعْتَزِّينَ،
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 6  صفحه : 163
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست