responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 6  صفحه : 162
وَالنِّعْمَةُ الثَّالِثَةُ: أَنَّهُ آتَاهُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالمين، وَمَا صدق (مَا) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ شَيْئًا وَاحِدًا مِمَّا خَصَّ اللَّهُ بِهِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَجْمُوعَ أَشْيَاءَ إِذْ آتَاهُمُ رِزْقَهُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَتَوَلَّى تَرْبِيَةَ نُفُوسِهِمْ بِوَاسِطَةِ رُسُلِهِ.
وَقَوْلُهُ: يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ هُوَ الْغَرَضُ مِنِ الْخِطَابِ، فَهُوَ كَالْمَقْصِدِ بَعْدَ الْمُقَدِّمَةِ، وَلِذَلِكَ كَرَّرَ اللَّفْظَ الَّذِي ابْتَدَأَ بِهِ مَقَالَتَهُ وَهُوَ النِّدَاءُ بِ يَا قَوْمِ لِزِيَادَةِ
اسْتِحْضَارِ أَذْهَانِهِمْ. وَالْأَمْرُ بِالدُّخُولِ أَمْرٌ بِالسَّعْيِ فِي أَسبَابه، أَي تهيّأوا لِلدُّخُولِ. وَالْأَرْضُ الْمُقَدَّسَةُ بِمَعْنَى الْمُطَهَّرَةِ الْمُبَارَكَةِ، أَيِ الَّتِي بَارَكَ اللَّهُ فِيهَا، أَوْ لِأَنَّهَا قُدِّسَتْ بِدَفْنِ إِبْرَاهِيمَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- فِي أَوَّلِ قَرْيَةٍ مِنْ قُرَاهَا وَهِيَ حَبْرُونُ. وَهِيَ هُنَا أَرْضُ كَنْعَانَ مِنْ بَرِّيَّةِ (صِينَ) إِلَى مَدْخَلِ (حَمَاةَ وَإِلَى حَبْرُونَ) . وَهَذِهِ الْأَرْضُ هِيَ أَرْضُ فِلَسْطِينَ، وَهِيَ الْوَاقِعَةُ بَيْنَ الْبَحْرِ الْأَبْيَضِ الْمُتَوَسِّطِ وَبَيْنَ نَهْرِ الْأُرْدُنِّ وَالْبَحْرِ الْمَيِّتِ فَتَنْتَهِي إِلَى (حَمَاةَ) شَمَالًا وَإِلَى (غَزَّةَ وَحَبْرُونَ) جَنُوبًا. وَفِي وَصْفِهَا بِ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ تَحْرِيضٌ عَلَى الْإِقْدَامِ لِدُخُولِهَا.
وَمَعْنَى كَتَبَ اللَّهُ قَضَى وَقَدَّرَ، وَلَيْسَ ثَمَّةَ كِتَابَةٌ وَلَكِنَّهُ تَعْبِيرٌ مَجَازِيٌّ شَائِعٌ فِي اللُّغَةِ، لِأَنَّ الشَّيْءَ إِذَا أَكَّدَهُ الْمُلْتَزِمُ بِهِ كَتَبَهُ، كَمَا قَالَ الْحَارِثُ بْنُ حِلِّزَةَ:
وَهَلْ يَنْقُضُ مَا فِي الْمَهَارِقِ الْأَهْوَاءُ فَأُطْلِقَتِ الْكِتَابَةُ عَلَى مَا لَا سَبِيلَ لِإِبْطَالِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ وَعَدَ إِبْرَاهِيمَ أَنْ يُورِثَهَا ذُرِّيَّتَهُ. وَوَعْدُ اللَّهِ لَا يُخْلَفُ.
وَقَوْلُهُ: وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ تَحْذِيرٌ مِمَّا يُوجِبُ الِانْهِزَامَ، لِأَنَّ ارْتِدَادَ الْجَيْشِ عَلَى الْأَعْقَابِ مِنْ أَكْبَرِ أَسْبَابِ الِانْخِذَالِ. وَالِارْتِدَادُ افْتِعَالٌ مِنَ الرَّدِّ، يُقَالُ: رَدَّهُ، فَارْتَدَّ، وَالرَّدُّ: إِرْجَاعُ السَّائِرِ عَنِ الْإِمْضَاءِ فِي سَيْرِهِ وَإِعَادَتُهُ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 6  صفحه : 162
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست