responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 5  صفحه : 58
الْمُسْلِمِينَ. وَمِنْ أَضْعَفِ الِاحْتِمَالَاتِ أَنْ يَكُونَ هؤُلاءِ إِشَارَةً إِلَى الشُّهَدَاءِ، الدَّالِّ عَلَيْهِمْ قَوْلُهُ: كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَإِنْ وَرَدَ فِي «الصَّحِيحِ» حَدِيثٌ يُنَاسِبُهُ فِي شَهَادَةِ نُوحٍ عَلَى قَوْمِهِ وَأَنَّهُمْ يُكَذِّبُونَهُ
فَيَشْهَدُ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصِدْقِهِ، إِذْ لَيْسَ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمَقْصُودَ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ.
وَذُكِرَ مُتَعَلِّقُ (شَهِيداً) الثَّانِي مَجْرُورًا بِعَلَى لِتَهْدِيدِ الْكَافِرِينَ بِأَنَّ الشَّهَادَةَ تَكُونُ عَلَيْهِمْ، لِأَنَّهُمُ الْمَقْصُودُ مِنِ اسْمِ الْإِشَارَةِ.
وَفِي «صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ» : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ لِي النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «اقْرَأْ عَلَيَّ الْقُرْآنَ، قُلْتُ: أَقْرَأُهُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ، قَالَ: إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي»
فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ سُورَةَ النِّسَاءِ، حتّى إِذا بَلَغْتُ فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً، قَالَ: أَمْسِكْ فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ. وَكَمَا قُلْتُ: إِنَّهُ أَوْجَزَ فِي التَّعْبِيرِ عَنْ تِلْكَ الْحَالِ فِي لَفْظِ كَيْفَ فَكَذَلِكَ أَقُولُ هُنَا: لَا فِعْلَ أَجْمَعُ دَلَالَةً عَلَى مَجْمُوعِ الشُّعُورِ عِنْدَ هَذِهِ الْحَالَةِ مِنْ بُكَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ دَلَالَةٌ عَلَى شُعُورٍ مُجْتَمِعٍ فِيهِ دَلَائِلُ عَظِيمَةٌ: وَهِيَ الْمَسَرَّةُ بِتَشْرِيفِ اللَّهِ إِيَّاهُ فِي ذَلِكَ الْمَشْهَدِ الْعَظِيمِ، وَتَصْدِيقِ الْمُؤْمِنِينَ إِيَّاهُ فِي التَّبْلِيغِ، وَرُؤْيَةِ الْخَيْرَاتِ الَّتِي أُنْجِزَتْ لَهُمْ بِوَاسِطَتِهِ، وَالْأَسَفِ عَلَى مَا لَحِقَ بَقِيَّةَ أُمَّتِهِ مِنَ الْعَذَابِ عَلَى تَكْذِيبِهِ، وَمُشَاهَدَةِ نَدَمِهِمْ عَلَى مَعْصِيَتِهِ، وَالْبُكَاءُ تُرْجُمَانُ رَحْمَةٍ وَمَسَرَّةٍ وَأَسَفٍ وَبَهْجَةٍ.
وَقَوْلُهُ: يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا الْآيَةَ اسْتِئْنَافٌ بَيَانِيٌّ، لِأَنَّ السَّامِعَ يَتَسَاءَلُ عَنِ الْحَالَةِ الْمُبْهَمَةِ الْمَدْلُولَةِ لِقَوْلِهِ: فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَيَتَطَلَّبُ بَيَانَهَا، فَجَاءَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مُبَيِّنَةً لِبَعْضِ تِلْكَ الْحَالَةِ الْعَجِيبَةِ، وَهُوَ حَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ يَرَوْنَ بِوَارِقَ الشَّرِّ: مِنْ شَهَادَةِ شُهَدَاءِ الْأُمَمِ عَلَى مُؤْمِنِهِمْ وَكَافِرِهِمْ، وَيُوقِنُونَ بِأَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِمْ بِالْكُفْرِ مَأْخُوذُونَ إِلَى الْعَذَابِ، فَيَنَالُهُمْ مِنَ الْخَوْفِ مَا يَوَدُّونَ مِنْهُ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَجُمْلَةُ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ بَيَانٌ لِجُمْلَةِ يَوَدُّ أَيْ يودّون ودّا يبيّنه قَوْلُهُ: لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ، وَلِكَوْنِ مَضْمُونِهَا أَفَادَ مَعْنَى الشَّيْءِ الْمَوْدُودِ صَارَتِ الْجُمْلَةُ الشَّرْطِيَّةُ بِمَنْزِلَةِ مَفْعُولِ (يَوَدُّ) ، فَصَارَ فِعْلُهَا بِمَنْزِلَةِ الْمَصْدَرِ، وَصَارَتْ لَوْ بِمَنْزِلَةِ حَرْفِ الْمَصْدَرِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 5  صفحه : 58
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست