responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 5  صفحه : 162
فَلَمَّا دَخَلَ عُمَرُ ابْتَدَرْنَ الْحِجَابَ لَمَّا رَأَيْنَهُ «يَا عَدُوَّاتِ أَنْفُسِهِنَّ» . وَيُجْمَعُ بِكَثْرَةٍ عَلَى أَعْدَاءٍ، قَالَ
تَعَالَى: وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ [فصلت: 19] .
وَقَوْلُهُ: وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ أَيْ إِنْ كَانَ الْقَتِيلُ الْمُؤْمِنَ. فَجَعَلَ لِلْقَوْمِ الَّذِينَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ، أَيْ عَهْدٌ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ، دِيَةَ قَتِيلِهِمُ الْمُؤْمِنِ اعْتِدَادًا بِالْعَهْدِ الَّذِي بَيْنَنَا- وَهَذَا يُؤْذِنُ بِأَنَّ الدِّيَةَ جَبْرٌ لِأَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ، وَلَيْسَتْ مَالًا مَوْرُوثًا عَنِ الْقَاتِلِ، إِذْ لَا يَرْثُ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ، فَلَا حَاجَةَ إِلَى تَأْوِيلِ الْآيَةِ بِأَنْ يَكُونَ لِلْمَقْتُولِ الْمُؤْمِنِ وَارِثٌ مُؤْمِنٌ فِي قَوْمٍ مُعَاهَدِينَ، أَوْ يَكُونَ الْمَقْتُولُ مُعَاهَدًا لَا مُؤْمِنًا، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الضَّمِيرَ فِي «كَانَ» عَائِدٌ عَلَى الْقَتِيلِ بِدُونِ وَصْفِ الْإِيمَانِ، وَهُوَ تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ لِأَنَّ مَوْضُوعَ الْآيَةِ فِيمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً. وَلَا يَهُولَنَّكُمُ التَّصْرِيحُ بِالْوَصْفِ فِي قَوْلِهِ: وَهُوَ مُؤْمِنٌ لِأَنَّ ذَلِكَ احْتِرَاسٌ وَدَفْعٌ لِلتَّوَهُّمِ عِنْدَ الْخَبَرِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ: مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ أَنْ يَظُنَّ أَحَدٌ أَنَّهُ أَيْضًا عَدُوٌّ لَنَا فِي الدِّينِ. وَشَرْطُ كَوْنِ الْقَتِيلِ مُؤْمِنًا فِي هَذَا لحكم مَدْلُولٌ بِحَمْلِ مُطْلَقِهِ هُنَا عَلَى الْمُقَيَّدِ فِي قَوْلِهِ هُنَالِكَ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَيَكُونُ مَوْضُوعُ هَذَا التَّفْصِيلِ فِي الْقَتِيلِ الْمُسْلِمِ خَطَأً لِتَصْدِيرِ الْآيَةِ بِقَوْلِهِ: وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ.
وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إِلَى إِبْقَاءِ الْمُطْلَقِ هُنَا عَلَى إِطْلَاقِهِ، وَحَمَلُوا مَعْنَى الْآيَةِ عَلَى الذِّمِّيِّ وَالْمُعَاهَدِ، يُقْتَلُ خَطَأً فَتَجِبُ الدِّيَةُ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَلَكِنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّ هَذَا كَانَ حُكْمًا فِي مُشْرِكِي الْعَرَبِ الَّذِينَ كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ صُلْحٌ إِلَى أَجَلٍ، حَتَّى يُسْلِمُوا أَوْ يُؤْذِنُوا بِحَرْبٍ، وَإِنَّ هَذَا الْحُكْمَ نُسِخَ.
وَقَوْلُهُ: فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ وُصِفَ الشَّهْرَانِ بِأَنَّهُمَا مُتَتَابِعَانِ وَالْمَقْصُودُ تَتَابُعُ أَيَّامِهِمَا. لِأَنَّ تَتَابُعَ الْأَيَّامِ يَسْتَلْزِمُ تَوَالِيَ الشَّهْرَيْنِ.
وَقَوْلُهُ: «تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ» مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ عَلَى تَقْدِيرِ: شَرَعَ اللَّهُ الصِّيَامَ تَوْبَةً مِنْهُ. وَالتَّوْبَةُ هُنَا مَصْدَرُ تَابَ بِمَعْنَى قَبِلَ التَّوْبَةَ بِقَرِينَةِ تَعْدِيَتِهِ بِ (مِنْ) ، لِأَنَّ تَابَ يُطْلَقُ عَلَى مَعْنَى نَدِمَ وَعَلَى مَعْنَى قَبِلَ مِنْهُ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ [النِّسَاء: 17] فِي هَذِهِ السُّورَةِ، أَيْ خَفَّفَ اللَّهُ عَنِ الْقَاتِلِ فَشَرَعَ الصِّيَامَ لِيَتُوبَ عَلَيْهِ فِيمَا أَخْطَأَ فِيهِ لِأَنَّهُ أَخْطَأَ فِي عَظِيمٍ. وَلَكَ أَنْ تَجْعَلَ تَوْبَةً مَفْعُولًا لِأَجْلِهِ رَاجِعًا إِلَى تَحْرِيرِ الرَّقَبَةِ وَالدِّيَةِ وَبَدَلِهِمَا، وَهُوَ الصِّيَامُ، أَيْ شَرَعَ اللَّهُ
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 5  صفحه : 162
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست