responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 4  صفحه : 92
(135)
إِنْ كَانَ عَطْفَ فَرِيقٍ آخَرَ، فَهُمْ غَيْرُ الْمُتَّقِينَ الْكَامِلِينَ، بَلْ هُمْ فَرِيقٌ مِنَ الْمُتَّقِينَ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا، وَإِنْ كَانَ عَطْفَ صِفَاتِ، فَهُوَ تَفْضِيلٌ آخَرُ لِحَالِ الْمُتَّقِينَ بِأَنْ ذَكَرَ أَوَّلًا حَالَ كَمَالِهِمْ، وَذَكَرَ بَعْدَهُ حَالَ تَدَارُكِهِمْ نَقَائِصَهُمْ.
وَالْفَاحِشَةُ الْفَعْلَةُ الْمُتَجَاوِزَةُ الْحَدِّ فِي الْفَسَادِ، وَلِذَلِكَ جُمِعَتْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ [النَّجْم: 32] وَاشْتِقَاقُهَا مِنْ فَحَشَ بِمَعْنَى قَالَ قَوْلًا ذَمِيمًا، كَمَا
فِي قَوْلِ عَائِشَةَ: «لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا»
، أَوْ فَعَلَ فِعْلًا ذَمِيمًا،
وَمِنْهُ قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ [الْأَعْرَاف: 28] .
وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّعْرِيفَ هُنَا تَعْرِيفُ الْجِنْسِ، أَيْ فَعَلُوا الْفَوَاحِشَ، وَظُلْمُ النَّفْسِ هُوَ الذُّنُوبُ الْكَبَائِرُ، وَعَطْفُهَا هُنَا عَلَى الْفَوَاحِشِ كَعَطْفِ الْفَوَاحِشِ عَلَيْهَا فِي قَوْلِهِ: الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ [النَّجْم: 32] . فَقِيلَ: الْفَاحِشَةُ الْمَعْصِيَةُ الْكَبِيرَةُ، وَظُلْمُ النَّفْسِ الْكَبِيرَةُ مُطْلَقًا، وَقِيلَ: الْفَاحِشَةُ هِيَ الْكَبِيرَةُ الْمُتَعَدِّيَةُ إِلَى الْغَيْرِ، وَظُلْمُ النَّفْسِ الْكَبِيرَةُ الْقَاصِرَةُ عَلَى النَّفْسِ، وَقِيلَ: الْفَاحِشَةُ الزِّنَا، وَهَذَا تَفْسِيرٌ عَلَى مَعْنَى الْمِثَالِ.
وَالذِّكْرُ فِي قَوْلِهِ: ذَكَرُوا اللَّهَ ذِكْرُ الْقَلْبِ وَهُوَ ذِكْرُ مَا يَجِبُ لِلَّهِ عَلَى عَبْدِهِ، وَمَا أَوْصَاهُ بِهِ، وَهُوَ الَّذِي يَتَفَرَّعُ عَنْهُ طَلَبُ الْمَغْفِرَةِ وَأَمَّا ذِكْرُ اللِّسَانِ فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ.
وَمَعْنَى ذِكْرِ اللَّهِ هُنَا ذِكْرُ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ وَوَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ.
وَالِاسْتِغْفَار: طلب الغفر أَيِ السِّتْرُ لِلذُّنُوبِ، وَهُوَ مَجَازٌ فِي عَدَمِ الْمُؤَاخَذَةِ عَلَى الذَّنْبِ، وَلِذَلِكَ صَارَ يُعَدَّى إِلَى الذَّنْبِ بِاللَّامِ الدَّالَّةِ عَلَى التَّعْلِيلِ كَمَا هُنَا، وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ [غَافِر: 55] . وَلَمَّا كَانَ طَلَبُ الصَّفْحِ عَنِ الْمُؤَاخَذَةِ بِالذَّنْبِ لَا يَصْدُرُ إِلَّا عَنْ نَدَامَةٍ، وَنِيَّةِ إِقْلَاعٍ عَنِ الذَّنْبِ، وَعَدَمِ الْعَوْدَةِ إِلَيْهِ، كَانَ الِاسْتِغْفَارُ فِي لِسَانِ الشَّارِعِ بِمَعْنَى التَّوْبَةِ، إِذْ كَيْفَ يَطْلُبُ الْعَفْوَ عَنِ الذَّنْبِ مَنْ هُوَ مُسْتَمِرٌّ عَلَيْهِ، أَوْ عَازِمٌ عَلَى مُعَاوَدَتِهِ، وَلَوْ طَلَبَ ذَلِكَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لَكَانَ أَكْثَرَ إِسَاءَةً مِنَ
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 4  صفحه : 92
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست