responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 4  صفحه : 24
وَظَاهِرُ الْآيَةِ أَنَّهُ إِذَا تَحَقَّقَتِ الِاسْتِطَاعَةُ وَجَبَ الْحَجُّ عَلَى الْمُسْتَطِيعِ عَلَى الْفَوْرِ، وَذَلِكَ يَنْدَرِجُ تَحْتَ مَسْأَلَةِ اقْتِضَاءِ الْأَمْرِ الْفَوْرِ أَوْ عَدَمِ اقْتِضَائِهِ إِيَّاهُ، وَقَدِ اخْتَلَفَ عُلَمَاءُ الْإِسْلَامِ فِي أَنَّ الْحَجَّ وَاجِبٌ عَلَى الْفَوْرِ أَوْ عَلَى التَّرَاخِي. فَذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ الْبَغْدَادِيُّونَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: ابْنُ الْقَصَّارِ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ حَمَّادٍ، وَغَيْرُهُمَا، وَتَأَوَّلُوهُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بن حَنْبَل، وداوود الظَّاهِرِيِّ.
وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَرِوَايَةُ ابْنِ نَافِعٍ وَأَشْهَبَ عَنْهُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي يُوسُفَ. وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِأَنَّ الْحَجَّ فُرِضَ قَبْلَ حَجِّ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسِنِينَ، فَلَوْ كَانَ عَلَى الْفَوْرِ لَمَا أَخَّرَهُ لِعُذْرٍ لَبَيَّنَهُ أَيْ لِأَنَّهُ قُدْوَةٌ لِلنَّاسِ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ: إِذَا بَلَغَ الْمَرْءُ السِّتِّينَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْفَوْرُ بِالْحَجِّ إِنْ كَانَ مُسْتَطِيعًا خَشْيَةَ الْمَوْتِ، وَحَكَاهُ ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ.
وَمَعْنَى الْفَوْرِ أَنْ يُوقِعَهُ الْمُكَلَّفُ فِي الْحَجَّةِ الَّتِي يَحِينُ وَقْتُهَا أَوَّلًا عِنْدَ اسْتِكْمَالِ شَرْطِ الِاسْتِطَاعَةِ.
وَقَوْلُهُ: وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مُقَابِلُ قَوْلِهِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا فَيكون المُرَاد بِمن كَفَرَ مَنْ لَمْ يَحُجَّ مَعَ الِاسْتِطَاعَةِ، وَلِذَلِكَ قَالَ جَمْعٌ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ: إِنَّ الْإِخْبَارَ عَنْهُ بِالْكُفْرِ هُنَا تَغْلِيظٌ لِأَمْرِ تَرْكِ الْحَجِّ. وَالْمُرَادُ كُفْرُ النِّعْمَةِ. وَيَجُوزُ
أَيْضًا أَنْ يُرَادَ تَشْوِيهُ صُنْعِهِ بِأَنَّهُ كَصَنِيعِ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَفَضِيلَةِ حَرَمِهِ. وَقَالَ قَوْمٌ:
أَرَادَ وَمَنْ كَفَرَ بِفَرْضِ الْحَجِّ، وَقَالَ قَوْمٌ بِظَاهِرِهِ: إِنَّ تَرَكَ الْحَجِّ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ كَفَرَ. وَنُسِبَ لِلْحَسَنِ. وَلَمْ يَلْتَزِمْ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ أَنْ يَكُونَ الْعَطْفُ لِلْمُقَابَلَةِ وَجَعَلُوهَا جُمْلَةً مُسْتَقِلَّةً.
كَالتَّذْيِيلِ، بَيَّنَ بِهَا عَدَمَ اكْتِرَاثِ اللَّهِ بِمَنْ كَفَرَ بِهِ.
وَعِنْدِي أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يكون المُرَاد بِمن كَفَرَ مَنْ كَفَرَ بِالْإِسْلَامِ، وَذَلِكَ تَعْرِيضٌ بِالْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ بِأَنَّهُ لَا اعْتِدَادَ بِحَجِّهِمْ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يَحُجَّ الْمُؤْمِنُونَ بِهِ وَالْمُوَحِّدُونَ لَهُ.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 4  صفحه : 24
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست