responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 30  صفحه : 560
بِهِمْ أَصْحَابُ الْحَاجَاتِ يُسَافِرُونَ مَعَهُمْ، وَأَصْحَابُ التِّجَارَاتِ يُحَمِّلُونَهُمْ سِلَعَهُمْ، وَصَارَتْ مَكَّةُ وَسَطًا تُجْلَبُ إِلَيْهَا السِّلَعُ مِنْ جَمِيعِ الْبِلَادِ الْعَرَبِيَّةِ فَتُوَزَّعُ إِلَى طَالِبِيهَا فِي بَقِيَّةِ الْبِلَادِ، فَاسْتَغْنَى أَهْلُ مَكَّةَ بِالتِّجَارَةِ إِذْ لَمْ يَكُونُوا أَهْلَ زَرْعٍ وَلَا ضَرْعٍ إِذْ كَانُوا بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ وَكَانُوا يَجْلِبُونَ أَقْوَاتَهُمْ فَيَجْلِبُونَ مِنْ بِلَادِ الْيَمَنِ الْحُبُوبَ مِنْ بُرٍّ وَشَعِيرٍ وَذُرَةٍ وَزَبِيبٍ وَأَدِيمٍ وَثِيَابٍ وَالسُّيُوفَ الْيَمَانِيَّةَ، وَمِنْ بِلَادِ الشَّامِ الْحُبُوبَ وَالتَّمْرَ وَالزَّيْتَ وَالزَّبِيبَ وَالثِّيَابَ وَالسُّيُوفَ الْمَشْرَفِيَّةَ، زِيَادَةً عَلَى مَا جُعِلَ لَهُمْ مَعَ مُعْظَمِ الْعَرَبِ مِنَ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، وَمَا أُقِيمَ لَهُمْ مِنْ مَوَاسِمِ الْحَجِّ وَأَسْوَاقِهِ كَمَا يُشِيرُ إِلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: لْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ
فَذَلِكَ وَجْهُ تَعْلِيلِ الْأَمْرِ بِتَوْحِيدِهِمُ اللَّهَ بِخُصُوصِ نِعْمَةِ هَذَا الْإِيلَافِ مَعَ أَن الله عَلَيْهِمْ نِعَمًا كَثِيرَةً لِأَنَّ هَذَا الْإِيلَافَ كَانَ سَبَبًا جَامِعًا لِأَهَمِّ النِّعَمِ الَّتِي بِهَا قِوَامُ بَقَائِهِمْ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ آنِفًا الْكَلَامُ عَلَى مَعْنَى الْفَاءِ من قَوْله: لْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ
عَلَى الْوُجُوهِ كُلِّهَا.
وَالْعِبَادَةُ الَّتِي أُمِرُوا بِهَا عِبَادَةُ اللَّهِ وَحْدَهُ دُونَ إِشْرَاكِ الشُّرَكَاءِ مَعَهُ فِي الْعِبَادَةِ لِأَنَّ إِشْرَاكَ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ الْعِبَادَةَ مَعَ اللَّهِ الَّذِي هُوَ الْحَقِيقُ بِهَا لَيْسَ بِعِبَادَةٍ أَوْ لِأَنَّهُمْ شُغِلُوا بِعِبَادَةِ الْأَصْنَامِ عَنْ عِبَادَةِ اللَّهِ فَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا فِي أَيَّامِ الْحَجِّ فِي التَّلْبِيَةِ عَلَى أَنَّهُمْ قَدْ زَادَ بَعْضُهُمْ فِيهَا بَعْدَ قَوْلِهِمْ: لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ إِلَّا شَرِيكًا هُوَ لَكَ تَمْلِكُهُ وَمَا ملك.
وتعريف بَ
بِالْإِضَافَة إِلَى ذَا الْبَيْتِ
دُونَ أَنْ يُقَالَ: فَلْيَعْبُدُوا الله لما يومىء إِلَيْهِ لفظبَ
مِنِ اسْتِحْقَاقِهِ الْإِفْرَادَ بِالْعِبَادَةِ دُونَ شريك.
وأوثر إضافةبَ
إِلَى ذَا الْبَيْتِ
دُونَ أَنْ يُقَالَ: رَبُّهُمْ لِلْإِيمَاءِ إِلَى أَنَّ الْبَيْتَ هُوَ أَصْلُ نِعْمَةِ الْإِيلَافِ بِأَنْ أَمَرَ إِبْرَاهِيمَ بِبِنَاءِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ فَكَانَ سَبَبًا لِرِفْعَةِ شَأْنِهِمْ بَيْنَ الْعَرَبِ قَالَ تَعَالَى: جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ [الْمَائِدَة: 97] وَذَلِكَ إِدْمَاجٌ لِلتَّنْوِيهِ بِشَأْنِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ وَفَضْلِهِ.
وَالْبَيْتُ مَعْهُودٌ عِنْدَ الْمُخَاطِبِينَ.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 30  صفحه : 560
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست