responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 30  صفحه : 157
وَالْأَمِينُ: الَّذِي يَحْفَظُ مَا عُهِدَ لَهُ بِهِ حَتَّى يُؤَدِّيَهُ دُونَ نَقْصٍ وَلَا تَغْيِيرٍ، وَهُوَ فَعِيلٌ إِمَّا بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، أَيْ مَأْمُونٌ مِنْ أَمِنَهُ عَلَى كَذَا. وَعَلَى هَذَا يُقَالُ: امْرَأَةٌ أَمِينٌ، وَلَا يُقَالُ:
أَمِينَةٌ، وَإِمَّا صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ مِنْ أَمُنَ بِضَمِّ الْمِيمِ إِذَا صَارَتِ الْأَمَانَةُ سَجِيَّتَهُ، وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يُقَالُ: امْرَأَةٌ أَمِينَةٌ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ فِي الْمَرْأَةِ الْمُشْتَكِيَةِ أَضْرَارَ زَوْجِهَا: يُجْعَلَانِ عِنْدَ أمينة وَأمين.
[22]

[سُورَة التكوير (81) : آيَة 22]
وَما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (22)
عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ [التكوير: 19] فَهُوَ دَاخِلٌ فِي خَبَرِ الْقَسَمِ جَوَابًا ثَانِيًا عَنِ الْقَسَمِ، وَالْمَعْنَى: وَمَا هُوَ (أَيِ الْقُرْآنُ) بِقَوْلِ مَجْنُونٍ كَمَا تَزْعُمُونَ، فَبَعْدَ أَنْ أَثْنَى اللَّهُ عَلَى الْقُرْآنِ بِأَنَّهُ قَوْلُ رَسُولٍ مُرْسَلٍ مِنَ اللَّهِ وَكَانَ قَدْ تَضَمَّنَ ذَلِكَ ثَنَاءً عَلَى النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ صَادِقٌ فِيمَا بَلَّغَهُ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى، أَعْقَبَهُ بِإِبْطَالِ بُهْتَانِ الْمُشْرِكِينَ فِيمَا اختلقوه عَن النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِمْ: مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ [الدُّخان: 14] وَقَوْلِهِمْ: أَفْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةٌ [سبأ: 8] ، فَأَبْطَلَ قَوْلَهُمْ إِبْطَالًا مُؤَكَّدًا وَمُؤَيَّدًا، فَتَأْكِيدُهُ بِالْقَسَمِ وَبِزِيَادَةِ الْبَاءِ بَعْدَ النَّفْيِ، وَتَأْيِيدُهُ بِمَا أَوْمَأَ إِلَيْهِ وَصْفُهُ بِأَنَّ الَّذِي بَلَّغَهُ صَاحِبُهُمْ، فَإِنَّ وَصْفَ صَاحِبٍ كِنَايَةٌ عَنْ كَوْنِهِمْ يَعْلَمُونَ خُلُقَهُ وَعَقْلَهُ وَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَجْنُونٍ، إِذْ شَأْنُ الصَّاحِبِ أَنْ لَا تَخْفَى دَقَائِقُ أَحْوَالِهِ عَلَى أَصْحَابِهِ.
وَالْمَعْنَى: نَفْيُ أَنْ يَكُونَ الْقُرْآنُ مِنْ وَسَاوِسِ الْمَجَانِينِ، فَسَلَامَةُ مُبَلِّغِهِ مِنَ الْجُنُونِ تَقْتَضِي سَلَامَةَ قَوْلِهِ عَنْ أَنْ يَكُونَ وَسْوَسَةً.
وَيَجْرِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِ رَسُولٍ كَرِيمٍ [التكوير: 19] النَّبِيءُ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: صاحِبُكُمْ هُنَا إِظْهَارًا فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ لِلتَّعْرِيضِ بِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ عِنْدَهُمْ بِصِحَّةِ الْعَقْلِ وَأَصَالَةِ الرَّأْيِ.
وَالصَّاحِبُ حَقِيقَتُهُ: ذُو الصُّحْبَةِ، وَهِيَ الْمُلَازَمَةُ فِي أَحْوَالِ التَّجَمُّعِ وَالِانْفِرَادِ
لِلْمُؤَانَسَةِ وَالْمُوَافَقَةِ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلزَّوْجِ: صَاحِبَةٌ وَلِلْمُسَافِرِ مَعَ غَيْرِهِ صَاحِبٌ، قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
بَكَى صَاحِبِي لَمَّا رَأَى الدَّرْبَ دُونَهُ
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 30  صفحه : 157
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست