responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 27  صفحه : 417
وَرِمَاحٍ وَنِبَالٍ وَخُوَذٍ وَدَرَقٍ وَمَجَانٍّ. وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِالْحَدِيدِ خُصُوصُ السِّلَاحِ الْمُتَّخَذِ مِنْهُ مِنْ سُيُوفٍ وَأَسِنَّةٍ وَنِبَالٍ، فَيَكُونُ إِنْزَالُهُ مُسْتَعَارًا لِمُجَرَّدِ إِلْهَامِ صُنْعِهِ، فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ يَكُونُ ضَمِيرُ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ عَائِدًا إِلَى الْحَدِيدِ بِاعْتِبَارِ إِعْدَادِهِ لِلْبَأْسِ فَكَأَنَّ الْبَأْسَ مَظْرُوفٌ فِيهِ.
وَالْبَأْسُ: الضُّرُّ. وَالْمُرَادُ بَأْسُ الْقَتْلِ وَالْجَرْحِ بِآلَاتِ الْحَدِيدِ مِنْ سُيُوفٍ وَرِمَاحٍ وَنِبَالٍ، وَبَأْسُ جُرْأَةِ النَّاسِ عَلَى إِيصَالِ الضُّرِّ بِالْغَيْرِ بِوَاسِطَةِ الْوَاقِيَاتِ الْمُتَّخَذَةِ مِنَ الْحَدِيدِ.
وَالْمَنَافِعُ: مَنَافِعُ الْغَالِبِ بِالْحَدِيدِ مِنْ غَنَائِمَ وَأَسْرَى وَفَتْحِ بِلَادٍ.
وَيَتَعَلَّقُ قَوْلُهُ: لِلنَّاسِ بِكُلٍّ مِنْ بَأْسٌ ومَنافِعُ عَلَى طَرِيقَةِ التَّنَازُعِ، أَيْ فِيهِ بَأْسٌ لِنَاسٍ وَمَنَافِعُ لِآخَرِينَ فَإِنَّ مَصَائِبَ قَوْمٍ عِنْدَ قَوْمٍ فَوَائِدُ.
وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا لفت بصائر السَّامِعِينَ إِلَى الِاعْتِبَارِ بِحِكْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ خَلْقِ الْحَدِيدِ وَإِلْهَامِ صُنْعِهِ، وَالتَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ مَا فِيهِ مِنْ نَفْعٍ وَبَأْسٍ إِنَّمَا أُرِيدَ بِهِ أَنْ يُوضَعَ بَأْسُهُ حَيْثُ يُسْتَحَقُّ وَيُوضَعَ نَفْعُهُ حَيْثُ يَلِيقُ بِهِ لَا لِتُجْعَلَ مَنَافِعُهُ لِمَنْ لَا يَسْتَحِقُّهَا مِثْلِ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ وَالثُّوَّارِ عَلَى أَهْلِ الْعَدْلِ، وَلِتَجْهِيزِ الْجُيُوشِ لِحِمَايَةِ الْأَوْطَانِ مِنْ أَهْلِ الْعُدْوَانِ، وَلِلِادِّخَارِ فِي الْبُيُوتِ لِدَفْعِ الضَّارِيَاتِ وَالْعَادِيَاتِ عَلَى الْحُرُمِ وَالْأَمْوَالِ.
وَكَانَ الْحَكِيمُ (انْتِيثُنُوسْ) الْيُونَانِيُّ تِلْمِيذُ سُقْرَاطَ إِذَا رَأَى امْرَأَةً حَالِيَّةً مُتَزَيِّنَةً فِي أَثِينَا يَذْهَبُ إِلَى بَيْتِ زَوْجِهَا وَيَسْأَلُهُ أَنْ يُرِيَهُ فَرَسَهُ وَسِلَاحَهُ فَإِذَا رَآهُمَا كَامِلَيْنِ أَذِنَ لْامْرَأَتِهِ أَنْ تَتَزَيَّنَ لِأَنَّ زَوْجَهَا قَادِرٌ عَلَى حِمَايَتِهَا مِنْ دَاعِرٍ يَغْتَصِبُهَا، وَإِلَّا أَمَرَهَا بِتَرْكِ الزِّينَةِ وَتَرْكِ الْحُلِيِّ.
وَهَذَا مِنْ بَابِ سَدِّ الذَّرِيعَةِ، لَا لِيُجْعَلَ بَأْسُهُ لِإِخْضَادِ شَوْكَة الْعدْل وإرغام الآمرين
بِالْمَعْرُوفِ عَلَى السُّكُوتِ، فَإِنَّ ذَلِكَ تَحْرِيفٌ لِمَا أَرَادَ اللَّهُ مِنْ وَضْعِ الْأَشْيَاءِ النَّافِعَةِ وَالْقَارَّةِ، قَالَ تَعَالَى: وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسادَ [الْبَقَرَة: 205] ، وَقَالَ عَلَى لِسَانِ أَحَدِ رُسُلِهِ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ [هود: 88] .
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 27  صفحه : 417
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست