responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 27  صفحه : 360
وَقَدِ اشْتَمَلَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَخْبَارٍ هِيَ صِفَاتٌ لِلَّهِ تَعَالَى.
فَأَمَّا وَصْفُ الْأَوَّلُ فَأَصْلُ مَعْنَاهُ الَّذِي حَصُلَ قَبْلَ غَيْرِهِ فِي حَالَةٍ تُبَيِّنُهَا إِضَافَةُ هَذَا الْوَصْفِ إِلَى مَا يَدُلُّ عَلَى الْحَالَةِ مِنْ زَمَانٍ أَوْ مَكَانٍ، فَقَدْ يَقَعُ مَعَ وَصْفٍ (أَوَّلُ) لَفْظٌ يَدُلُّ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي كَانَ فِيهَا السَّبْقُ، وَقَدْ يُسْتَدَلُّ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ مِنْ سِيَاقِ الْكَلَامِ، فَوَصْفُ الْأَوَّلُ لَا يَتَبَيَّنُ مَعْنَاهُ إِلَّا بِمَا يَتَّصِلُ بِهِ مِنَ الْكَلَامِ وَلَا يُتَصَوَّرُ إِلَّا بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَوْصُوفٍ آخَرَ هُوَ مُتَأَخِّرٌ عَنِ الْمَوْصُوفِ بِ (أَوَّلُ) فِي حَالَةٍ مَا.
فَقَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
وَمُهَلْهَلُ الشُّعَرَاءِ ذَاكَ الأول يُفِيد أَنه مُهَلْهَلَ سَابِقٌ غَيْرَهُ مِنَ الشُّعَرَاءِ فِي الشِّعْرِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ [الْأَنْعَام: 14] أَيْ أَوَّلَهُمْ فِي اتِّبَاعِ الْإِسْلَامِ، وَقَوْلُهُ: وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ [الْبَقَرَة: 41] ، أَيْ أَوَّلَهُمْ كُفْرًا وَقَوْلُهُ: وَقالَتْ أُولاهُمْ لِأُخْراهُمْ [الْأَعْرَاف: 39] ، أَيْ أُولَاهُمْ فِي الدُّخُولِ إِلَى النَّارِ.
وَأَشْهَرُ مَعَانِي الْأَوَّلِيَّةِ هُوَ السَّبق فِي الْوُجُود، أَيْ فِي ضِدِّ الْعَدَمِ، أَلَا تَرَى أَنَّ جَمِيعَ الْأَحْوَالِ الَّتِي يَسْبِقُ صَاحِبُهَا غَيْرَهُ فِيهَا هِيَ وَجُودَاتٌ مِنَ الْكَيْفِيَّاتِ، فَوَصْفُ اللَّهِ بِأَنَّهُ الْأَوَّلُ مَعْنَاهُ: أَنَّهُ السَّابِقُ وُجُودُهُ عَلَى كُلِّ مَوْجُودٍ وُجِدَ أَوْ سَيُوجَدُ، دُونَ تَخْصِيصِ جِنْسٍ وَلَا نَوْعٍ وَلَا صِنْفٍ، وَلَكِنَّهُ وَصْفٌ نِسْبِيٌّ غَيْرُ ذَاتِيٍّ.
وَلِهَذَا لَمْ يُذْكَرُ لهَذَا الْوَصْف هُنَا مُتَعَلِّقٌ- بِكَسْرِ اللَّامِ-، وَلَا مَا يَدُلُّ عَلَى مُتَعَلِّقٍ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ أَنَّهُ الْأَوَّلُ بِدُونِ تَقْيِيدٍ.
وَيُرَادِفُ هَذَا الْوَصْفَ فِي اصْطِلَاحِ الْمُتَكَلِّمِينَ صِفَةُ الْقِدَمِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْوَصْفَ يَسْتَلْزِمُ صِفَةَ الْغِنَى الْمُطْلَقِ، وَهِيَ عَدَمُ الِاحْتِيَاجِ إِلَى الْمُخَصَّصِ، أَيْ مُخَصَّصٌ يُخَصِّصُهُ بالوجود بَدَلا عَن الْعَدَمِ، لِأَنَّ الْأَوَّلُ هُنَا مَعْنَاهُ الْمَوْجُودُ لِذَاتِهِ دُونَ سَبْقِ عَدَمٍ، وَعَدَمُ الِاحْتِيَاجِ إِلَى مَحَلٍّ يَقُومُ بِهِ قِيَامَ الْعَرْضِ بِالْجَوْهَرِ.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 27  صفحه : 360
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست