responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 266
قَوْله: لم يُؤمنُوا.
وَقَوله: وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ شَيْئاً إِرْشَادٌ إِلَى دَوَاءِ مَرَضِ الْحَالِ فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ ضَعْفِ الْإِيمَانِ بِأَنَّهُ إِنْ يُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَصَلَ إِيمَانُهُمْ فَإِنَّ مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ عَلَى لِسَان رَسُوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَانُ عَقَائِدِ الْإِيمَانِ بِأَنْ يُقْبِلُوا عَلَى التَّعَلُّمِ مِنْ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُدَّةَ إِقَامَتِهِمْ بِالْمَدِينَةِ عِوَضًا عَنِ الِاشْتِغَالِ بِالْمَنِّ وَالتَّعْرِيضِ بِطَلَبِ الصَّدَقَاتِ.
وَمَعْنَى لَا يَلِتْكُمْ لَا يَنْقُصُكُمْ، يُقَالُ: لَاتَهُ مِثْلُ بَاعَهُ. وَهَذَا فِي لُغَةِ أَهْلِ الْحِجَازِ وَبَنِي أَسَدٍ، وَيُقَالُ: أَلَتَهُ أَلْتًا مِثْلَ: أَمَرَهُ، وَهِيَ لُغَةُ غَطَفَانَ قَالَ تَعَالَى: وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ فِي سُورَةِ الطُّورِ [21] .
وَقَرَأَ بِالْأُولَى جُمْهُورُ الْقُرَّاءِ وَبِالثَّانِيَةِ أَبُو عَمْرٍو وَيَعْقُوبُ. وَلِأَبِي عَمْرٍو فِي تَحْقِيقِ الْهَمْزَةِ فِيهَا وَتَخْفِيفِهَا أَلِفًا رِوَايَتَانِ فَالدُّورِيُّ رَوَى عَنْهُ تَحْقِيقَ الْهَمْزَةِ وَالسُّوسِيُّ رَوَى عَنْهُ تَخْفِيفَهَا.
وَضَمِيرُ الرَّفْعِ فِي يَلِتْكُمْ عَائِدٌ إِلَى اسْمِ اللَّهِ وَلَمْ يَقُلْ: لَا يَلِتَاكُمْ بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ لِأَنَّ اللَّهَ هُوَ مُتَوَلِّي الْجَزَاءِ دون الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَالْمَعْنَى: إِنْ أَخْلَصْتُمُ الْإِيمَانَ كَمَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ تَقَبَّلَ اللَّهُ أَعْمَالَكُمُ الَّتِي ذَكَرْتُمْ مِنْ أَنَّكُمْ جِئْتُمْ طَائِعِينَ لِلْإِسْلَامِ مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ.
وَجُمْلَةُ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ اسْتِئْنَافُ تَعْلِيمٍ لَهُمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَتَجَاوَزُ عَنْ كَذِبِهِمْ إِذَا تَابُوا، وَتَرْغِيبٌ فِي إِخْلَاصِ الْإِيمَانِ لِأَنَّ الْغَفُورَ كَثِيرُ الْمَغْفِرَةِ شَدِيدُهَا، وَمِنْ فَرْطِ مَغْفِرَتِهِ أَنَّهُ يُجَازِي عَلَى الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الْوَاقِعَةِ فِي حَالَةِ الْكُفْرِ غَيْرَ مُعْتَدٍ بِهَا فَإِذَا آمَنَ عَامِلُهَا جُوزِيَ عَلَيْهَا بِمُجَرَّدِ إِيمَانِهِ وَذَلِكَ مِنْ فَرْطِ رَحْمَتِهِ بِعِبَادِهِ.
وَتَرْتِيبُ رَحِيمٌ بَعْدَ غَفُورٌ لِأَنَّ الرَّحْمَةَ أَصْلٌ لِلْمَغْفِرَةِ وَشَأْنُ الْعِلَّةِ أَنْ تُورَدَ بَعْدَ الْمُعَلل بهَا.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 266
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست