responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 253
أَرْجُو لَهُ الْخَيْرَ وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَدْرِي وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ مَا يُفْعَلُ بِي. فَقَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ: وَاللَّهِ لَا أُزَكِّي بَعْدَهُ أَحَدًا»
. وَقَدْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ: كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ وَتَبْيِينِهِ بِأَنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ أَنَّ بَعْضًا مِنَ الظَّنِّ لَيْسَ إِثْمًا وَأَنَّا لَمْ نُؤْمَرْ بِاجْتِنَابِ الظَّنِّ الَّذِي لَيْسَ بِإِثْمٍ لِأَنَّ كَثِيراً وَصْفٌ، فَمَفْهُومُ الْمُخَالَفَةِ مِنْهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ لَمْ نُؤَمَرْ بِاجْتِنَابِهِ وَهُوَ الَّذِي يُبَيِّنُهُ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ أَيْ أَنَّ بَعْضَ الظَّنِّ لَيْسَ إِثْمًا، فَعَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَكُونَ مِعْيَارُهُ فِي تَمْيِيزِ أَحَدِ الظَّنَّيْنِ مِنَ
الْآخَرِ أَنْ يَعْرِضَهُ عَلَى مَا بَيَّنَتْهُ الشَّرِيعَةُ فِي تَضَاعِيفِ أَحْكَامِهَا مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَمَا أَجْمَعَتْ عَلَيْهِ عُلَمَاءُ الْأُمَّةِ وَمَا أَفَادَهُ الِاجْتِهَادُ الصَّحِيحُ وَتَتَبُّعُ مَقَاصِدِ الشَّرِيعَةِ، فَمِنْهُ ظَنٌّ يَجِبُ اتِّبَاعُهُ كَالْحَذَرِ مِنْ مَكَائِدِ الْعَدُوِّ فِي الْحَرْبِ، وَكَالظَّنِّ الْمُسْتَنِدِ إِلَى الدَّلِيلِ الْحَاصِلِ مِنْ دَلَالَةِ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ، فَإِنَّ أَكْثَرَ التَّفْرِيعَاتِ الشَّرْعِيَّةِ حَاصِلَةٌ مِنَ الظَّنِّ الْمُسْتَنِدِ إِلَى الْأَدِلَّةِ.
وَقَدْ فَتَحَ مَفْهُومُ هَذِهِ الْآيَةِ بَابَ الْعَمَلِ بِالظَّنِّ غَيْرِ الْإِثْمِ إِلَّا أَنَّهَا لَا تَقُومُ حُجَّةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ يَرَوْنَ الْعَمَلَ بِمَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ وَهُوَ أَرْجَحُ الْأَقْوَالِ فَإِنَّ مُعْظَمَ دَلَالَاتِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ عَلَى الْمَفَاهِيمِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ.
وَأَمَّا الظَّنُّ الَّذِي هُوَ فَهْمُ الْإِنْسَانِ وَزَكَانَتُهُ فَذَلِكَ خَاطِرٌ فِي نَفْسِهِ وَهُوَ أَدْرَى فَمُعْتَادُهُ مِنْهُ مِنْ إِصَابَةٍ أَوْ ضِدِّهَا قَالَ أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ:
الْأَلْمَعِيُّ الَّذِي يَظُنُّ بِكَ الظَّ ... نَّ كَأَنْ قَدْ رَأَى وَقَدْ سَمِعَا
وَلا تَجَسَّسُوا.
التَّجَسُّسُ مِنْ آثَارِ الظَّنِّ لِأَنَّ الظَّنَّ يَبْعَثُ عَلَيْهِ حِينَ تَدْعُو الظَّانَّ نَفْسُهُ إِلَى تَحْقِيقِ مَا ظَنَّهُ سِرًّا فَيَسْلُكُ طَرِيقَ التَّجْنِيسِ فَحَذَّرَهُمُ اللَّهُ مِنْ سُلُوكِ هَذَا الطَّرِيقِ لِلتَّحَقُّقِ لِيَسْلُكُوا غَيْرَهُ إِنْ كَانَ فِي تَحْقِيقِ مَا ظَنَّ فَائِدَةٌ.
وَالتَّجَسُّسُ: الْبَحْثُ بِوَسِيلَةٍ خَفِيَّةٍ وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْجَسِّ، وَمِنْهُ سُمِّي الْجَاسُوسُ.
وَالتَّجَسُّسُ مِنَ الْمُعَامَلَةِ الْخَفِيَّةِ عَنِ الْمُتَجَسَّسِ عَلَيْهِ. وَوَجْهُ النَّهْيِ عَنْهُ أَنَّهُ ضَرْبٌ
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 253
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست