responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 137
وَعَلَى الِاحْتِمَالَيْنِ فَقَوْلُهُ: فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ إِمَّا مَسُوقٌ مَسَاقَ التَّوْبِيخِ أَوْ مَسَاقَ التَّنْبِيهِ عَلَى الْخَطَأِ فِي الشُّحِّ بِبَذْلِ الْمَالِ فِي الْجِهَادِ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ السِّيَاقِ لِأَنَّ الْمَرْءَ قَدْ يَبْخَلُ بُخْلًا لَيْسَ عَائِدًا بُخْلُهُ عَنْ نَفْسِهِ.
وَمَعْنَى قَوْلِهِ: فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ إِذْ يَتَمَكَّنُ عَدُّوهُ مِنَ التَّسَلُّطِ عَلَيْهِ فَعَادَ بُخْلُهُ بِالضُّرِّ عَلَيْهِ، وَعَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ بِحِرْمَانِهَا مِنْ ثَوَابِ الْإِنْفَاقِ.
وَالْقَصْرُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ إِنَّمَا قَصْرُ قَلْبٍ بِاعْتِبَارِ لَازِمِ بُخْلِهِ لِأَنَّ الْبَاخِلَ اعْتَقَدَ أَنَّهُ مَنَعَ مَنْ دَعَاهُ إِلَى الْإِنْفَاقِ وَلَكِنَّ لَازِمَ بُخْلِهِ عَادَ عَلَيْهِ بِحِرْمَانِ نَفْسِهِ مِنْ مَنَافِعِ ذَلِكَ الْإِنْفَاقِ، فَالْقَصْرُ مَجَازٌ مُرْسَلٌ مُرَكَّبٌ. وَفِعْلُ (بَخِلَ) يَتَعَدَّى بِ عَنْ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْإِمْسَاكِ وَيَتَعَدَّى بِ (عَلَى) لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى التَّضْيِيقِ عَلَى الْمَبْخُولِ عَلَيْهِ. وَقَدْ عُدِّيَ هُنَا بِحَرْفِ عَنْ.
وَهَا أَنْتُمْ هؤُلاءِ مُرَكَّبٌ مِنْ كَلِمَةِ (هَا) تَنْبِيهٌ فِي ابْتِدَاءِ الْجُمْلَةِ، وَمِنْ ضَمِيرِ الْخِطَابِ ثُمَّ مِنْ (هَا) التَّنْبِيهِ الدَّاخِلَةِ عَلَى اسْمِ الْإِشَارَةِ الْمُفِيدَةِ تَأْكِيدَ مَدْلُولِ الضَّمِيرِ. وَنَظِيرُهُ
قَوْلُهُ: هَا أَنْتُمْ هؤُلاءِ جادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا
فِي سُورَةِ النِّسَاءِ [109] . وَالْأَكْثَرُ أَنْ يَكُونَ اسْمُ الْإِشَارَةِ فِي مِثْلِهِ مُجَرَّدًا عَنْ (هَا) اكْتِفَاءً بِ (هَاءِ) التَّنْبِيهِ الَّتِي فِي أَوَّلِ التَّرْكِيبِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ [119] .
وَجُمْلَةُ تُدْعَوْنَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنِ اسْمِ الْإِشَارَةِ، وَمَجْمُوعُ ذَلِكَ يُفِيدُ حُصُولَ مَدْلُولِ جُمْلَةِ الْحَالِ لِصَاحِبِهَا حُصُولًا وَاضِحًا. وَزَعَمَ كَثِيرٌ مِنَ النُّحَاةِ أَنَّ عَدَمَ ذِكْرَ اسْمِ الْإِشَارَةِ بَعْدَ (هَا أَنَا) وَنَحْوِهِ لَحْنٌ، لِأَنَّهُ لَمْ يُسْمَعْ دُخُولُ (هَا) التَّنْبِيهِ عَلَى اسْمٍ غَيْرِ اسْمِ الْإِشَارَةِ كَمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ «مُغْنِي اللَّبِيبِ» ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ (هَا) التَّنْبِيهِ الْمَذْكُورَةَ فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ هِيَ الَّتِي تَدْخُلُ عَلَى أَسْمَاءِ الْإِشَارَةِ فِي نَحْوِ: هَذَا وَهَؤُلَاءِ، وَأَنَّ الضَّمِيرَ الَّذِي يُذْكَرُ بَعْدَهَا فَصَلَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اسْمِ الْإِشَارَةِ. وَلَكِنْ قَدْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي كَلَامِ صَاحِبِ «الْمُغْنِي» فِي دِيبَاجَةِ كِتَابِهِ إِذْ قَالَ: وَهَا أَنَا بَائِحٌ بِمَا أَسْرَرْتُهُ، وَفِي مَوْضِعَيْنِ آخَرَيْنِ مِنْهُ نَبَّهَ عَلَيْهِمَا بَدْرُ
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 137
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست