responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 106
»
(¬1) .
وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ: لِذَنْبِكَ لَامُ التَّعْيِينِ بَيَّنَتْ مَفْعُولًا ثَانِيًا لِفِعْلِ اسْتَغْفِرْ وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ لَامُ الْعِلَّةِ، أَوْ بِمَعْنَى (عَنْ) وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ، أَيِ اسْتَغْفِرِ الذُّنُوبَ لِأَجْلِ الْمُؤْمِنِينَ، وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ، تَقْدِيرُهُ: وَلِلْمُؤْمِنِينَ لِذُنُوبِهِمْ.
وَجُمْلَةُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْواكُمْ تَذْيِيلٌ جَامِعٌ لِأَحْوَالِ مَا تَقَدَّمَ. فَالْمُتَقَلَّبُ:
مَصْدَرٌ بِمَعْنَى التَّقَلُّبِ، أُوثِرَ جَلْبُهُ هُنَا لِمُزَاوَجَةِ قَوْلِهِ: وَمَثْواكُمْ. وَالتَّقَلُّبُ: الْعَمَلُ الْمُخْتَلِفُ ظَاهِرًا كَانَ كَالصَّلَاةِ، أَوْ بَاطِنًا كَالْإِيمَانِ وَالنُّصْحِ.
والمثوى: الْمرجع والمثال، أَيْ يَعْلَمُ اللَّهُ أَحْوَالَكُمْ جَمِيعًا مِنْ مُؤْمِنِينَ وَكَافِرِينَ، وَقَدَّرَ لَهَا جَزَاءَهَا عَلَى حَسَبِ عِلْمِهِ بِمَرَاتِبِهَا وَيَعْلَمُ مَصَائِرَكُمْ وَإِنَّمَا أَمَرَكُمْ وَنَهَاكُمْ وَأَمَرَكُمْ بِالِاسْتِغْفَارِ خَاصَّةً لِإِجْرَاءِ أَحْكَامِ الْأَسْبَابِ عَلَى مُسَبِّبَاتِهَا فَلَا تَيْأَسُوا وَلَا تُهْمِلُوا.
[20، 21]

[سُورَة مُحَمَّد (47) : الْآيَات 20 الى 21]
وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلى لَهُمْ (20) طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ (21)
وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلى لَهُمْ (20) طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ

قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ هَذِهِ السُّورَةَ أُنْزِلَتْ بِالْمَدِينَةِ وَقَدْ بَدَتْ قُرُونُ نِفَاقِ الْمُنَافِقِينَ، فَلَمَّا جَرَى
فِي هَذِهِ السُّورَةِ وَصْفُ حَالِ الْمُنَافِقِينَ أُعْقِبَ ذَلِكَ بِوَصْفِ أَجْلَى مَظَاهِرِ نِفَاقِهِمْ، وَذَلِكَ حِينَ يُدْعَى الْمُسْلِمُونَ إِلَى الْجِهَادِ فَقَدْ يَضِيقُ الْأَمْرُ بِالْمُنَافِقِينَ إِذْ كَانَ تَظَاهُرُهُمْ بِالْإِسْلَامِ سَيُلْجِئُهُمْ إِلَى الْخُرُوجِ لِلْقِتَالِ مَعَ الْمُسْلِمِينَ، وَذَلِكَ أَمْرٌ لَيْسَ بِالْهَيِّنِ لِأَنَّهُ تَعَرُّضٌ لِإِتْلَافِهِمُ النُّفُوسِ دون أَن يَرْجُو مِنْهُ نَفْعًا فِي الْحَيَاةِ الْأَبَدِيَّةِ إِذْ هُمْ لَا يُصَدِّقُونَ بِهَا فَيُصْبِحُوا فِي حَيْرَةٍ. وَكَانَ حَالُهُمْ هَذَا مُخَالِفًا لِحَالِ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِي تَمَنَّوْا أَنْ يَنْزِلَ الْقُرْآنُ بِالدَّعْوَةِ إِلَى الْقِتَالِ لِيُلَاقُوا الْمُشْرِكِينَ فَيَشْفُوا مِنْهُمْ غَلِيلَهُمْ، فَبِهَذِهِ الْمُنَاسَبَةِ حُكِيَ تَمَنِّي الْمُؤْمِنِينَ نُزُولَ حُكْمِ الْقِتَالِ لِأَنَّهُ يَلُوحُ بِهِ تَمْيِيزُ حَالِ الْمُنَافِقِينَ، وَيَبْدُو مِنْهُ الْفَرْقُ بَيْنَ حَالِ الْفَرِيقَيْنِ وَقَدْ بَيَّنَ كُرْهَ الْقِتَالِ لَدَيْهِمْ فِي سُورَةِ بَرَاءَةَ.
فَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ هُوَ قَوْلُهُ: فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ الْآيَةَ، وَمَا قَبْلَهُ تَوْطِئَةٌ لَهُ بِذِكْرِ سَبَّبِهِ، وَأَفَادَ تَقْدِيمُهُ
¬
(¬1) رَوَاهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 106
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست