responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 23  صفحه : 96
الْمُخَاطَبِ بقوله: فَاسْتَفْتِهِمْ [الصافات: 11] . وَفِعْلُ الْمُضِيِّ مُسْتَعْمَلٌ فِي مَعْنَى الْأَمْرِ وَهُوَ مِنِ اسْتِعْمَالِ الْخَبَرِ فِي مَعْنَى الطَّلَبِ لِلْمُبَالَغَةِ كَمَا يُسْتَعْمَلُ الْخَبَرُ فِي إِنْشَاءِ صِيَغِ الْعُقُودِ نَحْوُ: بِعْتُ.
وَالْمَعْنَى: اعْجَبْ لَهُمْ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعَجَبُ قَدْ حَصَلَ من النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَأَى إِعْرَاضَهُمْ وَقِلَّةَ إِنْصَافِهِمْ فَيَكُونُ الْخَبَرُ مُسْتَعْمَلًا فِي حَقِيقَتِهِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ عَلَى تَقْدِيرِ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ، أَيْ بَلْ أَعَجِبْتَ.
وَالْمَعْنَى عَلَى الْجَمِيعِ: أَنَّ حَالَهُمْ حَرِيَّةٌ بِالتَّعَجُّبِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ فِي سُورَةِ الرَّعْدِ [5] .
وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ بَلْ عَجِبْتَ بِضَمِّ التَّاءِ لِلْمُتَكَلِّمِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ: أَنَّ اللَّهَ أَسْنَدَ الْعَجَبَ إِلَى نَفْسِهِ. وَيُعْرَفُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ حَقِيقَةَ الْعَجَبِ الْمُسْتَلْزِمَةِ الرَّوْعَةَ وَالْمُفَاجَأَةَ بِأَمْرٍ غَيْرِ مُتَرَقَّبٍ بَلِ الْمُرَادُ التَّعْجِيبُ أَوِ الْكِنَايَةُ عَنْ لَازِمِهِ، وَهُوَ اسْتِعْظَامُ الْأَمْرِ الْمُتَعَجَّبِ مِنْهُ. وَلَيْسَ لِهَذَا الِاسْتِعْمَالِ نَظِيرٌ فِي الْقُرْآنِ وَلَكِنَّهُ تَكَرَّرَ فِي كَلَامِ النُّبُوءَةِ مِنْهُ
قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ لَيَعْجَبُ مِنْ رَجُلَيْنِ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ يَدْخُلَانِ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُ هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلُ ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَى الْقَاتِلِ فَيُسْتَشْهَدُ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ
بِهَذَا اللَّفْظِ. يَعْنِي ثُمَّ يُسْلِمُ الْقَاتِلُ الَّذِي كَانَ كَافِرًا فَيُقَاتِلُ فَيُسْتَشْهَدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ الْأَنْصَارِيِّ وَزَوْجِهِ إِذْ أَضَافَا رَجُلًا فَأَطْعَمَاهُ عَشَاءَهُمَا وَتَرَكَا صِبْيَانَهُمَا
«عَجِبَ اللَّهُ مِنْ فِعَالِكُمَا» .
وَنَزَلَ فِيهِ وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ (¬1) [الْحَشْر: 9] .
وَقَوْلُهُ: «عَجِبَ اللَّهُ مِنْ قَوْمٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ فِي السَّلَاسِلِ» (¬2) .
وَإِنَّمَا عَدَلَ عَنِ الصَّرِيحِ وَهُوَ الِاسْتِعْظَامُ لِأَنَّ الْكِنَايَةَ أَبْلَغُ مِنَ التَّصْرِيحِ، وَالصَّارِفُ عَنْ مَعْنَى اللَّفْظِ الصَّرِيحِ فِي قَوْلِهِ: عَجِبْتَ مَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ مُخَالَفَتِهِ تَعَالَى لِلْحَوَادِثِ.
¬
(¬1) رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي «مَنَاقِب الْأَنْصَار» وَفِيه قصَّة.
(¬2) رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي الْجِهَاد.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 23  صفحه : 96
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست