responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 23  صفحه : 301
أُجْمِلَ هُنَا وَإِنْ كَانَ مُتَأَخِّرًا إِذِ الْمَقْصُودُ مِنْ سَوْقِ الْقِصَّةِ هُنَا الِاتِّعَاظُ بِكِبْرِ إِبْلِيسَ دُونَ مَا نَشَأَ عَنْ ذَلِكَ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إِذْ قالَ رَبُّكَ مَنْصُوبًا بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ، أَيِ اذْكُرْ إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ، وَهُوَ بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ ضَمِيرَ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ [ص: 67] لَيْسَ ضَمِيرَ شَأْنٍ بَلْ هُوَ عَائِدٌ إِلَى مَا قَبْلَهُ وَأَنَّ إِذْ يَخْتَصِمُونَ [ص: 69] مُرَادٌ بِهِ خُصُومَةَ أَهْلِ النَّارِ. وَقِصَّةُ خَلْقِ آدَمَ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا فِي سُوَرٍ كَثِيرَةٍ أَشْبَهُهَا بِمَا هُنَا مَا فِي سُورَةِ الْحِجْرِ، وَأَبْيَنُهَا مَا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ.
وَوَقَعَ فِي سُورَةِ الْحِجْرِ [31] إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى وَفِي هَذِهِ السُّورَةِ إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ فَيَكُونُ مَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ يُبَيِّنُ الْبَاعِثَ عَلَى الْإِبَايَةِ. وَوَقَعَتْ هُنَا زِيَادَةُ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ، وَهُوَ بَيَانٌ لِكَوْنِ الْمُرَادِ فِي سُورَةِ الْحِجْرِ [31] مِنْ قَوْلِهِ: أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ الْإِبَايَةَ مِنَ الْكَوْنِ مِنَ السَّاجِدِينَ لِلَّهِ، أَيْ الْمُنَزِّهِي اللَّهَ عَنِ الظُّلْمِ وَالْجَهْلِ.
وَوَقَعَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ كَانَ كَافِرًا سَاعَتَئِذٍ، أَيْ سَاعَةَ إِبَائِهِ مِنَ السُّجُودِ وَلَمْ يَكُنْ قَبْلُ كَافِرًا، فَفِعْلُ كانَ الَّذِي وَقَعَ فِي هَذَا الْكَلَامِ حِكَايَةً لِكُفْرِهِ الْوَاقِعِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: « (كَانَ) جَارٍ عَلَى بَابِ سَائِرِ الْأَفْعَالِ الْمَاضِيَةِ إِلَّا أَنَّ فِيهِ إِخْبَارًا عَنِ الْحَالَةِ فِيمَا مَضَى، إِذَا قُلْتَ: كَانَ زَيْدٌ عَالِمًا، فَقَدَ أَنْبَأْتَ عَنْ أَنَّ حَالَتَهُ فِيمَا مَضَى مِنَ الدَّهْرِ هَذَا، وَإِذَا قُلْتَ: سَيَكُونُ عَالِمًا فَقَدْ أَنْبَأْتَ عَنْ أَنَّ حَالَةً سَتَقَعُ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ، فَهُمَا عِبَارَتَانِ عَنِ الْأَفْعَالِ وَالْأَحْوَالِ» اه.
وَقَدْ بَدَتْ مِنْ إِبْلِيسَ نَزْعَةٌ كَانَتْ كَامِنَةً فِي جِبِلَّتِهِ وَهِيَ نَزْعَةُ الْكِبْرِ وَالْعِصْيَانِ، وَلَمْ تَكُنْ تَظْهَرُ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَلَأَ الَّذِي كَانَ مَعَهُمْ كَانُوا عَلَى أَكْمَلِ حُسْنِ الْخِلْطَةِ فَلَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ مُثِيرٌ لِمَا سَكَنَ فِي نَفْسِهِ مِنْ طَبْعِ الْكِبْرِ وَالْعِصْيَانِ. فَلَمَّا طَرَأَ عَلَى ذَلِكَ الْمَلَأِ مَخْلُوقٌ جَدِيدٌ وَأُمِرَ أَهْلُ الْمَلَأِ الْأَعْلَى بِتَعْظِيمِهِ كَانَ ذَلِكَ مُورِيًّا زِنَادَ الْكِبْرِ فِي نَفْسِ إِبْلِيسَ فَنَشَأَ عَنْهُ الْكُفْرُ بِاللَّهِ وَعِصْيَانُ أَمْرِهِ.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 23  صفحه : 301
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست