responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 23  صفحه : 259
فَانْفَلَقَ [الشُّعَرَاء: 63] . وَيَكُونُ قَوْلُهُ: رُدُّوها عَلَيَّ مِنْ مَقُولِ: فَقالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ.
[34- 35]

[سُورَة ص (38) : الْآيَات 34 إِلَى 35]
وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ (34) قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (35)
قَدْ قُلْتُ آنِفًا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ [ص: 30] أَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ مَنَاقِبِ سُلَيْمَانَ لَمْ يَخْلُ مِنْ مَقَاصِدِ ائْتِسَاءٍ وَعِبْرَةٍ وَتَحْذِيرٍ عَلَى عَادَةِ الْقُرْآنِ فِي ابْتِدَارِ وَسَائِلِ الْإِرْشَادِ بِالتَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ، فَكَذَلِكَ كَانَتِ الْآيَاتُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِنَدَمِهِ عَلَى الِاشْتِغَالِ بِالْخَيْلِ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ مَوقِعَ أُسْوَةٍ بِهِ فِي مُبَادَرَةِ التَّوْبَةِ وَتَحْذِيرٍ مِنَ الْوُقُوعِ فِي مِثْلِ غَفْلَتِهِ، وَكَذَلِكَ جَاءَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ مُشِيرَةً إِلَى فِتْنَةٍ عَرَضَتْ لِسُلَيْمَانَ أَعْقَبَتْهَا إِنَابَةٌ ثُمَّ أَعْقَبَتْهَا إِفَاضَةُ نِعَمٍ عَظِيمَةٍ فَذُكِرَتْ عَقِبَ ذِكْرِ قِصَّةِ مَا نَالَهُ مِنَ السَّهْوِ عَنْ عِبَادَتِهِ وَهُوَ دُونَ الْفِتْنَةِ. وَالْفَتْنُ وَالْفُتُونُ وَالْفِتْنَةُ: اضْطِرَابُ الْحَالِ الشَّدِيدِ الَّذِي يَظْهَرُ بِهِ مِقْدَارُ صَبْرِ وَثَبَاتِ مَنْ يَحِلُّ بِهِ، وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [102] .
وَقَدْ أَشَارَتِ الْآيَةُ إِلَى حَدَثٍ عَظِيمٍ حَلَّ بِسُلَيْمَانَ، وَاخْتَلَفَتْ أَقْوَالُ الْمُفَسِّرِينَ فِي تَعْيِينِ هَذِهِ الْفِتْنَةِ فَذَكَرُوا قَصَصًا هِيَ بِالْخُرَافَاتِ أَشْبَهُ، وَمَقَامُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَمْثَالِهَا أَنْزَهُ. وَمِنْ أَغْرَبِهَا قَوْلُهُمْ: إِنَّهُ وُلِدَ لَهُ ابْنٌ فَخَافَ عَلَيْهِ النَّاسَ أَنْ يَقْتُلُوهُ فَاسْتَوْدَعَهُ الرِّيحَ لِتَحْضُنَهُ وَتُرْضِعَهُ دَرَّ مَاءِ الْمُزْنِ فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ أَصَابَهُ الْمَوْتُ وَأَلْقَتْهُ الرِّيحُ عَلَى كُرْسِيِّ سُلَيْمَانَ لِيَعْلَمَ أَنَّهُ لَا مَرَدَّ لِمَحْتُومِ الْمَوْتِ. وَهَذَا مَا نَظَمَهُ الْمَعَرِّيُّ تَبَعًا لِأَوْهَامِ النَّاسِ فَقَالَ حِكَايَةً عَنْ سُلَيْمَانَ:
خَافَ غَدْرَ الْأَنَامِ فَاسْتَوْدَعَ الرِّي ... حَ سَلِيلًا تَغْذُوهُ دَرَّ الْعِهَادِ

وَتَوَخَّى النَّجَاةَ وَقَدْ أَيْ ... قَنَ أَنَّ الْحِمَامَ بِالْمِرَصَادِ
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 23  صفحه : 259
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست