responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 22  صفحه : 9
تُخْضِعْنَ الْقَوْلَ، أَيْ تَجْعَلْنَهُ خَاضِعًا ذَلِيلًا، أَيْ رَقِيقًا مُتَفَكِّكًا. وَمَوْقِعُ الْبَاءِ هُنَا أَحْسَنُ مِنْ مَوْقِعِ هَمْزَةِ التَّعْدِيَةِ لِأَنَّ بَاءَ التَّعْدِيَةِ جَاءَتْ مِنْ بَاءِ الْمُصَاحَبَةِ عَلَى مَا بَيَّنَهُ الْمُحَقِّقُونَ مِنَ النُّحَاةِ أَنَّ أَصْلَ قَوْلِكَ: ذَهَبْتُ بِزَيْدٍ، أَنَّكَ ذَهَبْتَ مُصَاحِبًا لَهُ فَأَنْتَ أَذْهَبْتَهُ مَعَكَ، ثُمَّ تُنُوسِيَ مَعْنَى الْمُصَاحَبَةِ فِي نَحْوِ: ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ [الْبَقَرَة: 17] ، فَلَمَّا كَانَ التَّفَكُّكُ وَالتَّزْيِينُ لِلْقَوْلِ يُتْبِعُ تَفَكُّكَ الْقَائِلِ أَسْنَدَ الْخُضُوعَ إِلَيْهِنَّ فِي صُورَةٍ، وَأُفِيدَتِ التَّعْدِيَةُ بِالْبَاءِ. وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ بِمَعْنَى (فِي) ، أَيْ لَا يَكُنْ مِنْكُنَّ لِينٌ فِي الْقَوْلِ.
وَالنَّهْيُ عَنِ الْخُضُوعِ بِالْقَوْلِ إِشَارَةٌ إِلَى التَّحْذِيرِ مِمَّا هُوَ زَائِدٌ عَلَى الْمُعْتَادِ فِي كَلَامِ النِّسَاءِ مِنَ الرِّقَّةِ وَذَلِكَ تَرْخِيمُ الصَّوْتِ، أَيْ لِيَكُنْ كَلَامُكُنَّ جَزْلًا.
وَالْمَرَضُ: حَقِيقَتُهُ اخْتِلَالُ نِظَامِ الْمَزَاجِ الْبَدَنِيِّ مَنْ ضَعْفِ الْقُوَّةِ، وَهُوَ هُنَا مُسْتَعَارٌ لِاخْتِلَالِ الْوَازِعِ الدِّينِيِّ مِثْلَ الْمُنَافِقِينَ وَمَنْ كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِيمَانِ مِنَ الْأَعْرَابِ مِمَّنْ لَمْ تَرْسَخْ فِيهِ أَخْلَاقُ الْإِسْلَامِ، وَكَذَلِكَ مَنْ تَخَلَّقُوا بِسُوءِ الظَّنِّ فَيَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ، وَقَضِيَّةُ إِفْكِ الْمُنَافِقِينَ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا شَاهِدٌ لِذَلِكَ. وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فِي سُورَةِ الْبَقَرَة [10] .
وانتصب فَيَطْمَعَ فِي جَوَابِ النَّهْيِ بَعْدَ الْفَاءِ لِأَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ سَبَبٌ فِي هَذَا الطَّمَعِ.
وَحذف مُتَعَلق فَيَطْمَعَ تَنَزُّهًا وَتَعْظِيمًا لشأن نسَاء النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ قِيَامِ الْقَرِينَةِ.
وَعَطْفُ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفاً على فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ بِمَنْزِلَةِ الِاحْتِرَاسِ لِئَلَّا يَحْسَبْنَ أَنَّ اللَّهَ كَلَّفَهُنَّ بِخَفْضِ أَصْوَاتِهِنَّ كَحَدِيثِ السِّرَارِ.
وَالْقَوْلُ: الْكَلَامُ.
وَالْمَعْرُوفُ: هُوَ الَّذِي يَأْلَفُهُ النَّاسُ بِحَسَبِ الْعُرْفِ الْعَامِّ، وَيَشْمَلُ الْقَوْلُ الْمَعْرُوفُ هَيْئَةَ الْكَلَامِ وَهِيَ الَّتِي سِيقَ لَهَا الْمَقَامُ، وَيَشْمَلُ مَدْلُولَاتُهُ أَنْ لَا يَنْتَهِرْنَ مَنْ يُكَلِّمُهُنَّ أَوْ
يُسْمِعْنَهُ قَوْلًا بَذِيئًا مِنْ بَابِ: فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ. وَبِذَلِكَ تَكُونُ هَذِهِ الْجُمْلَةُ بِمَنْزِلَةِ التَّذْيِيلِ
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 22  صفحه : 9
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست