responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 22  صفحه : 355
الْمَقَامِ وَلَيْسَتْ مِنْ لَوَازِمِ مَعْنَى التَّرْكِيبِ. وَهَذَا مِنْ أَدَقِّ التَّخَلُّصِ بِحَرْفٍ (إِنَّ) لِأَنَّ الْمُنَاسَبَةَ بَيْنَ الْمُنْتَقَلِ مِنْهُ وَالْمُنْتَقَلِ إِلَيْهِ تَحْتَاجُ إِلَى فِطْنَةٍ، وَهَذَا مَقَامُ خِطَابِ الذَّكِيِّ الْمَذْكُورِ فِي مُقَدِّمَةِ عِلْمِ الْمَعَانِي.
فَيَكُونُ مَوْقِعَ جُمْلَةِ «إِنَّا نُحْيِي الْمَوْتَى» اسْتِئْنَافًا ابْتِدَائِيًّا لِقَصْدِ إِنْذَارِ الَّذِينَ لَمْ يَتَّبِعُوا الذِّكْرَ، وَلم يخشوا الرحمان، وَهُمُ الَّذِينَ اقْتَضَاهُمْ جَانِبُ النَّفْيِ فِي صِيغَةِ الْقَصْرِ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْإِحْيَاءُ مُسْتَعَارًا لِلْإِنْقَاذِ مِنَ الشِّرْكِ، وَالْمَوْتَى: اسْتِعَارَة لأهل الشُّكْر، فَإِحْيَاءُ الْمَوْتَى تَوْفِيقُ مَنْ آمَنَ مِنَ النَّاسِ إِلَى الْإِيمَانِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ [الْأَنْعَام: 122] الْآيَةَ.
فَتَكُونُ الْجُمْلَةُ امْتِنَانًا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بِتَيْسِيرِ الْإِيمَانِ لَهُمْ، قَالَ تَعَالَى: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ [الْأَنْعَام: 125] ، وموقع الْجُمْلَة موقع التَّعْلِيل لِقَوْلِهِ: فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ [يس: 11] .
وَالْمُرَادُ بِكِتَابَةِ مَا قَدَّمُوا الْكِنَايَةَ عَنِ الْوَعْدِ بِالثَّوَابِ عَلَى أَعْمَالِهِمُ الصَّالِحَةِ وَالثَّوَابِ عَلَى آثَارِهِمْ.
وَهَذَا الِاعْتِبَار يُنَاسِبه الِاسْتِئْنَافَ الِابْتِدَائِيَّ لِيَكُونَ الِانْتِقَالُ بِابْتِدَاءِ كَلَامٍ مُنَبِّهًا السَّامِعَ إِلَى مَا اعْتَبَرَهُ الْمُتَكَلِّمُ فِي مَطَاوِي كَلَامِهِ.
وَالتَّأْكِيدُ بِحَرْفِ (إِنَّ) مَنْظُورٌ فِيهِ إِلَى معنى الصَّرِيحِ كَمَا هُوَ الشَّأْنُ، ونَحْنُ ضَمِيرُ فَصْلٍ لِلتَّقْوِيَةِ وَهُوَ زِيَادَةُ تَأْكِيدٍ. وَالْمَعْنَى: نُحْيِيهِمْ لِلْجَزَاءِ، فَلِذَلِكَ عَطَفَ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا، أَيْ نُحْصِي لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ قَدَّمُوهَا فِي الدُّنْيَا لِنُجَازِيَهِمْ.
وَعَطْفُ ذَلِكَ إِدْمَاجٌ لِلْإِنْذَارِ وَالتَّهْدِيدِ بِأَنَّهُمْ مُحَاسَبُونَ عَلَى أَعْمَالِهِمْ وَمُجَازَوْنَ عَلَيْهَا.
وَالْكِنَايَةُ: كِنَايَةٌ عَنِ الْإِحْصَاءِ وَعَدَمِ إِفْلَاتِ شَيْءٍ مِنْ أَعْمَالِهِمْ أَوْ إِغْفَالِهِ. وَهِيَ مَا يُعَبَّرُ عَنْهُ بِصَحَائِفِ الْأَعْمَالِ الَّتِي يُسَجِّلُهَا الْكِرَامُ الْكَاتِبُونَ.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 22  صفحه : 355
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست