responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 22  صفحه : 313
الْقَصْدِ وَهُوَ الْوَسَطُ بَيْنَ طَرَفَيْنِ يُبَيِّنُهُ الْمَقَامُ، فَلَمَّا ذُكِرَ هُنَا فِي مُقَابَلَةِ الظَّالِمِ وَالسَّابِقِ عُلِمَ أَنَّهُ مُرْتَكِبٌ حَالَةً بَيْنِ تَيْنِكَ الْحَالَتَيْنِ فَهُوَ لَيْسَ بِظَالِمٍ لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ بِسَابِقٍ.
وَالسَّابِقُ أَصْلُهُ: الْوَاصِلُ إِلَى غَايَةٍ مُعَيَّنَةٍ قَبْلَ غَيْرِهِ مِنَ الْمَاشِينَ إِلَيْهَا. وَهُوَ هُنَا مَجَازٌ لِإِحْرَازِ الْفَضْلِ لِأَنَّ السَّابِقَ يُحْرِزُ السَّبَقَ (بِفَتْحِ الْبَاءِ) ، أَوْ مَجَازٌ فِي بَذْلِ الْعِنَايَةِ لِنَوَالِ رِضَى اللَّهِ، وَعَلَى الِاعْتِبَارَيْنِ فِي الْمَجَازِ فَهُوَ مُكَنًّى عَنِ الْإِكْثَارِ مِنَ الْخَيْرِ لِأَنَّ السَّبْقَ يَسْتَلْزِمُ إِسْرَاعَ الْخُطُوَاتِ، وَالْإِسْرَاعُ إِكْثَارٌ. وَفِي هَذَا السَّبْقِ تَفَاوُتٌ أَيْضًا كَخَيْلِ الْحَلَبَةِ.
وَالْخَيْرَاتُ: جَمْعُ خَيْرٍ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَالْخَيْرُ: النَّافِعُ. وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا الطَّاعَاتُ لِأَنَّهَا أَعْمَالٌ صَالِحَةٌ نَافِعَةٌ لِعَامِلِهَا وَلِلنَّاسِ بِآثَارِهَا.
وَالْبَاءُ لِلظَّرْفِيَّةِ، أَيْ فِي الْخَيْرَاتِ كَقَوْلِهِ: يُسارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ [الْمَائِدَة:
62] .
وَفِي ذِكْرِ الْخَيْرَاتِ فِي الْقِسْمِ الْآخَرِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهَا مُرَادَةٌ فِي الْقِسْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ فَيُؤَوَّلُ إِلَى مَعْنَى ظَالِمٍ لِنَفْسِهِ فِي الْخَيْرَاتِ وَمُقْتَصِدٍ فِي الْخَيْرَاتِ أَيْضًا، وَلَكَ أَنْ تَجْعَلَ مَعْنَى ظالِمٌ لِنَفْسِهِ أَنَّهُ نَاقِصُهَا مِنَ الْخَيْرَاتِ كَقَوْلِهِ: كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً أَيْ لَمْ تَنْقُصْ عَنْ مُعْتَادِهَا فِي الْإِثْمَارِ فِي سُورَةِ الْكَهْفِ [33] .
وَالْإِذْنُ مُسْتَعْمَلٌ فِي التَّيْسِيرِ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ، وَالْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ مُتَعَلِّقَةٌ بِ سابِقٌ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْأَمْرَ لِأَنَّ اللَّهَ أَمَرَ النَّاسَ كُلَّهُمْ بِفِعْلِ الْخَيْرِ سَوَاءٌ مِنْهُمْ مَنْ أَتَى بِهِ وَمن قصّر بِهِ.
وَلَكَ أَنْ تَجْعَلَ الْبَاءَ لِلْمُلَابَسَةِ وَتَجْعَلَهَا ظَرْفًا مُسْتَقِرًّا فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنْ سابِقٌ أَيْ مُتَلَبِّسًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَكُونُ الْإِذْنُ مَصْدَرًا بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ، أَيْ سَابِقٌ مَلَابِسٌ لِمَا أَذِنَ اللَّهُ بِهِ، أَيْ لَمْ يُخَالِفْهُ.
وَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ هُوَ تَنْوِيهٌ بِالسَّابِقِينَ بِأَنَّ سَبْقَهُمْ كَانَ بِعَوْنٍ مِنَ اللَّهِ وَتَيْسِيرٍ مِنْهُ.
وَفِيمَا رَأَيْتَ مِنْ تَفْسِيرِ هَذِهِ الْمَرَاتِبِ الثَّلَاثِ فِي الْآيَةِ الْمَأْخُوذِ مِنْ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ،
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 22  صفحه : 313
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست