responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 22  صفحه : 105
وَمَعْنَى هَذَا
قَوْلُ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ آذَانِي فَقَدْ آذَى اللَّهَ»
وَأَذَى الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَحْصُلُ بِالْإِنْكَارِ عَلَيْهِ فِيمَا يَفْعَلُهُ، وَبِالْكَيْدِ لَهُ، وَبِأَذَى أَهْلِهِ مِثْلَ الْمُتَكَلِّمِينَ فِي
الْإِفْكِ، وَالطَّاعِنِينَ أَعْمَالَهُ، كَالطَّعْنِ فِي إِمَارَةِ زَيْدٍ وَأُسَامَةَ، وَالطَّعْنِ فِي أَخْذِهِ صَفِيَّةَ لِنَفْسِهِ.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الَّذِينَ طَعَنُوا فِي اتِّخَاذِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حييّ لنَفسِهِ» .
[58]

[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : آيَة 58]
وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً (58)
أُلْحِقَتْ حُرْمَةُ الْمُؤْمِنِينَ بِحُرْمَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَنْوِيهًا بِشَأْنِهِمْ، وَذُكِرُوا عَلَى حِدَةٍ لِلْإِشَارَةِ إِلَى نُزُولِ رُتْبَتِهِمْ عَنْ رُتْبَةِ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ. وَهَذَا مِنَ الِاسْتِطْرَادِ مُعْتَرَضٌ بَيْنَ أَحْكَامِ حُرْمَةِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآدَابِ أَزْوَاجِهِ وَبَنَاتِهِ وَالْمُؤْمِنَات.
وَعَطْفُ الْمُؤْمِناتِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ لِلتَّصْرِيحِ بِمُسَاوَاةِ الْحُكْمِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَعْلُومًا مِنَ الشَّرِيعَةِ، لِوَزْعِ الْمُؤْذِينَ عَنْ أَذَى الْمُؤْمِنَاتِ لِأَنَّهُنَّ جَانِبٌ ضَعِيفٌ بِخِلَافِ الرِّجَالِ فَقَدْ يَزَعُهُمْ عَنْهُمُ اتِّقَاءُ غَضَبِهِمْ وَثَأْرِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ.
وَالْمُرَادُ بِالْأَذَى: أَذَى الْقَوْلِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً لِأَنَّ الْبُهْتَانَ مِنْ أَنْوَاعِ الْأَقْوَالِ وَذَلِكَ تَحْقِيرٌ لِأَقْوَالِهِمْ، وَأَتْبَعَ ذَلِكَ التَّحْقِيرَ بِأَنَّهُ إِثْمٌ مُبِينٌ. وَالْمُرَادُ بِالْمُبِينِ الْعَظِيمُ الْقَوِيُّ، أَيْ جُرْمًا مِنْ أَشَدِّ الْجُرْمِ، وَهُوَ وَعِيدٌ بِالْعِقَابِ عَلَيْهِ.
وَضَمِيرُ اكْتَسَبُوا عَائِدٌ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ عَلَى سَبِيلِ التَّغْلِيبِ، وَالْمَجْرُورُ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ. وَهَذَا الْحَالُ لِزِيَادَةِ تَشْنِيعِ ذَلِكَ الْأَذَى بِأَنَّهُ ظُلْمٌ وَكَذِبٌ.
وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْحَالِ تَقْيِيدَ الْحُكْمِ حَتَّى يَكُونَ مَفْهُومُهُ جَوَازَ أَذَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِمَا اكْتَسَبُوا، أَيْ أَنْ يُسَبُّوا بِعَمَلٍ ذَمِيمٍ اكْتَسَبُوهُ لِأَنَّ الْجَزَاءَ عَلَى ذَلِكَ لَيْسَ مَوْكُولًا لِعُمُومِ النَّاسِ وَلَكِنَّهُ مَوْكُولٌ إِلَى وُلَاةِ الْأُمُورِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما [النِّسَاء: 16] . وَقَدْ نَهَى النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْغِيبَةِ
وَقَالَ: «هِيَ أَنْ تَذْكُرَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ. فَقِيلَ:
وَإِنْ كَانَ حَقًّا. قَالَ: إِنْ كَانَ غَيْرَ حَقٍّ فَذَلِكَ الْبُهْتَانُ»
فَأَمَّا تَغْيِيرُ الْمُنْكَرِ فَلَا يَصْحَبُهُ أَذًى.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 22  صفحه : 105
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست