responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 20  صفحه : 69
وَشَأْنُ الْمَلِكِ الصَّالِحِ أَنْ يَجْعَلَ الرَّعِيَّةَ مِنْهُ كُلَّهَا بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ بِمَنْزِلَةِ الْأَبْنَاءِ مِنَ الْأَبِ يُحِبُّ لَهُمُ الْخَيْرَ وَيُقَوِّمُهُمْ بِالْعَدْلِ وَاللِّينِ، لَا مِيزَةَ لِفِرْقَةٍ عَلَى فِرْقَةٍ، وَيَكُونُ اقْتِرَابُ أَفْرَادِ الْأُمَّةِ مِنْهُ بِمِقْدَارِ الْمَزَايَا النَّفْسِيَّةِ وَالْعَقْلِيَّةِ.
الْمَفْسَدَةُ الثَّالِثَةُ: أَنَّهُ يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْ أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ فَيَجْعَلُهَا مُحَقَّرَةً مَهْضُومَةَ الْجَانِبِ لَا مُسَاوَاةَ بَيْنِهَا وَبَيْنَ فِرَقٍ أُخْرَى وَلَا عَدْلَ فِي مُعَامَلَتِهَا بِمَا يُعَامِلُ بِهِ الْفِرَقَ الْأُخْرَى، فِي حِينِ أَنَّ لَهَا مِنَ الْحَقِّ فِي الْأَرْضِ مَا لِغَيْرِهَا لِأَنَّ الْأَرْضَ لِأَهْلِهَا وَسُكَّانِهَا الَّذين استوطنوها ونشأوا فِيهَا.
وَالْمُرَادُ بِالطَّائِفَةِ: بَنُو إِسْرَائِيلَ وَقَدْ كَانُوا قَطَنُوا فِي أَرْضِ مِصْرَ بِرِضَى مَلِكِهَا فِي زَمَنِ يُوسُفَ وَأُعْطُوا أَرْضَ (جَاسَانَ) وَعَمَرُوهَا وَتَكَاثَرُوا فِيهَا وَمَضَى عَلَيْهِمْ فِيهَا أَرْبَعُمِائَةِ سَنَةٍ، فَكَانَ لَهُمْ مِنَ الْحَقِّ فِي أَرْضِ الْمَمْلَكَةِ مَا لِسَائِرِ سُكَّانِهَا فَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْعَدْلِ جَعْلُهُمْ بِمَنْزِلَةٍ دُونَ مَنَازِلِ غَيْرِهِمْ، وَقَدْ أَشَارَ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُهُ تَعَالَى طائِفَةً مِنْهُمْ إِذْ جَعَلَهَا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ الَّذِينَ جَعَلَهُمْ فِرْعَوْنُ شِيَعًا.
وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ طائِفَةً إِلَى أَنَّهُ اسْتَضْعَفَ فَرِيقًا كَامِلًا، فَأَفَادَ ذَلِكَ أَنَّ الِاسْتِضْعَافَ لَيْسَ جَارِيًا عَلَى أَشْخَاصٍ معيّنين لأسباب تَقْتَضِي اسْتِضْعَافَهُمْ كَكَوْنِهِمْ سَاعِينَ بِالْفَسَادِ أَوْ لَيْسُوا أَهْلًا لِلِاعْتِدَادِ بِهِمْ لِانْحِطَاطٍ فِي أَخْلَاقِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ بَلْ جَرَى اسْتِضْعَافُهُ عَلَى اعْتِبَارِ الْعُنْصُرِيَّةِ وَالْقَبَلِيَّةِ وَذَلِكَ فَسَادٌ لِأَنَّهُ يَقْرِنُ الْفَاضِلَ بِالْمَفْضُولِ.
مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الِاسْتِضْعَافِ الْمَنُوطِ بِالْعُنْصُرِيَّةِ أَجْرَى شِدَّتَهُ عَلَى أَفْرَادِ تِلْكَ الطَّائِفَةِ دُونَ تَمْيِيزٍ بَيْنَ مُسْتَحِقٍّ وَغَيْرِهِ وَلم يراع غير النَّوْعِيَّةَ مِنْ ذُكُورَةٍ وَأُنُوثَةٍ وَهِيَ:
الْمَفْسَدَةُ الرَّابِعَةُ: أَنَّهُ يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ أَيْ يَأْمُرُ بِذَبْحِهِمْ، فَإِسْنَادُ الذَّبْحِ إِلَيْهِ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ. وَالْمُرَادُ بِالْأَبْنَاءِ: الذُّكُورُ مِنَ الْأَطْفَالِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ ذَلِكَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ. وَقَصْدُهُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ لَا تَكُونَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ قُوَّةٌ مِنْ رِجَالِ قَبِيلَتِهِمْ حَتَّى يَكُونَ النُّفُوذُ فِي الْأَرْضِ لِقَوْمِهِ خَاصَّةً.
الْمَفْسَدَةُ الْخَامِسَةُ: أَنَّهُ يَسْتَحْيِي النِّسَاءَ، أَيْ يَسْتَبْقِي حَيَاةَ الْإِنَاثِ مِنَ الْأَطْفَال، فَأطلق
عَلَيْهِم اسْمَ النِّسَاءِ بِاعْتِبَارِ الْمَآلِ إِيمَاءً إِلَى أَنَّهُ يَسْتَحْيِيهِنَّ لِيَصِرْنَ نِسَاءً
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 20  صفحه : 69
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست