responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 48
سَائِرِ أُمُورِهِمْ لِأَنَّ الْمَبَادِئَ تَدُلُّ عَلَى الْغَايَاتِ فَهُوَ كَقَوْلِهِ: وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً [الْبَقَرَة: 143] كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَقَالَ حَبِيبٌ:
إِنَّ الْهِلَالَ إِذَا رَأَيْتَ نَمَاءَهُ ... أيقنت أَن يصير بَدْرًا كَامِلا
[151]

[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 151]
كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (151)
تشبيهن لِلْعِلَّتَيْنِ مِنْ قَوْله: لِأُتِمَّ [الْبَقَرَة: 150] وَقَوله: وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [الْبَقَرَة: 150] أَيْ ذَلِكَ مِنْ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ كَنِعْمَةِ إِرْسَالِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجُعِلَ الْإِرْسَالُ مُشَبَّهًا بِهِ لِأَنَّهُ أَسْبَقُ وَأَظْهَرُ تَحْقِيقًا لِلْمُشَبَّهِ أَيْ أَنَّ الْمَبَادِئَ دَلَّتْ عَلَى الْغَايَاتِ وَهَذَا كَقَوْلِهِ
فِي الْحَدِيثِ «كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ»
وَنُكِّرَ (رَسُولٌ) لِلتَّعْظِيمِ وَلِتَجْرِيَ عَلَيْهِ الصِّفَاتُ الَّتِي كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا نِعْمَةٌ خَاصَّةٌ، فَالْخِطَابُ فِي قَوْلِهِ: فِيكُمْ وَمَا بَعْدَهُ لِلْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ تَذْكِيرًا لَهُمْ بِنِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ بِأَنْ بَعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُولًا بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ وَمِنْ قَوْمِهِمْ لِأَنَّ ذَلِكَ أَقْوَى تَيْسِيرًا لِهِدَايَتِهِمْ، وَهَذَا عَلَى نَحْوِ دَعْوَةِ إِبْرَاهِيمَ: رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ
[الْبَقَرَة: 129] وَقَدِ امْتَنَّ اللَّهُ عَلَى عُمُوم الْمُؤمنِينَ منالعرب وَغَيْرِهِمْ بِقَوْلِهِ: لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ [آل عمرَان: 164] أَيْ جِنْسِهِمُ الْإِنْسَانِيِّ لِأَنَّ ذَلِكَ آنَسُ لَهُمْ مِمَّا لَوْ كَانَ رَسُولُهُمْ مِنَ الْمَلَائِكَةِ قَالَ تَعَالَى: وَلِذَلِكَ عُلِّقَ بِفِعْلِ أَرْسَلْنا حَرْفُ فِي وَلَمْ يُعَلَّقْ بِهِ حَرْفُ إِلَى كَمَا فِي قَوْلِهِ: إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شاهِداً عَلَيْكُمْ [المزمل:
15] ، لِأَنَّ ذَلِكَ مَقَامُ احْتِجَاجٍ وَهَذَا مَقَامُ امْتِنَانٍ فَنَاسَبَ أَنْ يَذْكُرَ مَا بِهِ تَمَامُ الْمِنَّةِ وَهِيَ أَنْ جَعَلَ رَسُولَهُمْ فِيهِمْ وَمِنْهُمْ، أَيْ هُوَ مَوْجُودٌ فِي قَوْمِهِمْ وَهُوَ عَرَبِيٌّ مِثْلُهُمْ، وَالْمُسْلِمُونَ يَوْمَئِذٍ هُمُ الْعَرَبُ أَيِ الَّذِينَ يَتَكَلَّمُونَ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ فَالْأُمَّةُ الْعَرَبِيَّةُ يَوْمَئِذٍ تَتَكَلَّمُ بِلِسَانٍ وَاحِدٍ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْعَدْنَانِيُّونَ وَالْقَحْطَانِيُّونَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِنَ الْأَحْلَافِ وَالْمَوَالِي مِثْلِ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ وَبِلَالٍ الْحَبَشِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ الْإِسْرَائِيلِيِّ، إِذْ نِعْمَةُ الرِّسَالَةِ فِي الْإِبْلَاغِ وَالْإِفْهَامِ، فَالرَّسُولُ يُكَلِّمُهُمْ بِلِسَانِهِمْ فَيَفْهَمُونَ جَمِيعَ مَقَاصِدِهِ، وَيُدْرِكُونَ إِعْجَازَ الْقُرْآنِ، وَيَفُوزُونَ بِمَزِيَّةِ
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 48
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست