responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 457
(237)
اسْتِئْنَافُ تَشْرِيعٍ لِبَيَانِ حُكْمِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الطَّلَاقِ مِنْ دَفْعِ الْمَهْرِ، كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ، وَسُقُوطِهِ وَحُكْمِ الْمُتْعَةِ مَعَ إِفَادَةِ إِبَاحَةِ الطَّلَاقِ قَبْلَ الْمَسِيسِ. فَالْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا ابْتِدَائِيًّا، وَمُنَاسَبَةُ مَوْقِعِهَا لَا تَخْفَى، فَإِنَّهُ لَمَّا جَرَى الْكَلَامُ فِي الْآيَاتِ السَّابِقَةِ عَلَى الطَّلَاقِ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الْعِدَّةُ، وَهُوَ طَلَاقُ الْمَدْخُولِ بِهِنَّ، عَرَجَ هُنَا عَلَى الطَّلَاقِ الْوَاقِعِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَهُوَ الَّذِي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ الْآيَةَ، فِي سُورَةِ الْأَحْزَابِ [49] ، وَذَكَرَ مَعَ ذَلِكَ هُنَا تَنْصِيفَ الْمَهْرِ
وَالْعَفْوَ عَنْهُ.
وَحَقِيقَةُ الْجُنَاحِ الْإِثْمُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما [الْبَقَرَة:
158] . وَلَا يُعْرَفُ إِطْلَاقُ الْجُنَاحِ عَلَى غَيْرِ مَعْنَى الْإِثْمِ، وَلِذَلِكَ حَمَلَهُ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ هُنَا عَلَى نَفْيِ الْإِثْمِ فِي الطَّلَاقِ، وَوَقَعَ فِي «الْكَشَّافِ» تَفْسِيرُ الْجُنَاحِ بِالتَّبِعَةِ فَقَالَ: لَا جُناحَ عَلَيْكُمْ لَا تَبِعَةَ عَلَيْكُمْ مِنْ إِيجَابِ الْمَهْرِ ثُمَّ قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْجُنَاحَ تَبِعَةُ الْمَهْرِ، قَوْلُهُ: وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ إِلَى قَوْلِهِ: فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ فَقَوْلُهُ: فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِثْبَاتٌ لِلْجُنَاحِ الْمَنْفِيِّ ثَمَّةَ» وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ وَقَالَ قَوْمٌ: لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ مَعْنَاهُ لَا طَلَبَ بِجَمِيعِ الْمَهْرِ فَعَلِمْنَا أَنَّ صَاحِبَ «الْكَشَّافِ» مَسْبُوقٌ بِهَذَا التَّأْوِيلِ، وَهُوَ لَمْ يَذْكُرْ فِي «الْأَسَاسِ» هَذَا الْمَعْنَى لِلْجُنَاحِ حَقِيقَةً وَلَا مَجَازًا، فَإِنَّمَا تَأَوَّلَهُ مَنْ تَأَوَّلَهُ تَفْسِيرًا لِمَعْنَى الْكَلَامِ كُلِّهِ لَا لِكَلِمَةِ جُناحَ وَفِيهِ بُعْدٌ، وَمَحْمَلُهُ عَلَى أَنَّ الْجُنَاحَ كِنَايَةٌ بَعِيدَةٌ عَنِ التبعة بِدفع الْمهْر. وَالْوَجْهُ مَا حَمَلَ عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ لَفْظَ الْجُنَاحِ، وَهُوَ مَعْنَاهُ الْمُتَعَارَفُ، وَفِي «تَفْسِيرِ ابْنِ عَطِيَّةَ» عَنْ مَكِّيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ «لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي الطَّلَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ لِأَنَّهُ قَدْ يَقَعُ الْجُنَاحُ عَلَى الْمُطَلِّقِ بَعْدَ أَنْ كَانَ قَاصِدًا للذوق، وَذَلِكَ مَأْمُون قَبْلَ الْمَسِيسِ» وَقَرِيبٌ مِنْهُ فِي الطِّيبِيِّ عَنِ الرَّاغِبِ- أَيْ فِي «تَفْسِيرِهِ» -.
فَالْمَقْصُودُ مِنَ الْآيَةِ تَفْصِيلُ أَحْوَالِ دَفْعِ الْمَهْرِ أَوْ بَعْضِهِ أَوْ سُقُوطِهِ، وَكَأَنَّ قَوْلَهُ: لَا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ إِلَى آخِرِهِ تَمْهِيدٌ لِذَلِكَ وَإِدْمَاجٌ لِإِبَاحَةِ الطَّلَاقِ قَبْلَ الْمَسِيسِ لِأَنَّهُ بَعِيدٌ عَنْ قَصْدِ التَّذَوُّقِ، وَأَبْعَدُ مِنَ الطَّلَاقِ بَعْدَ الْمَسِيسِ عَنْ إِثَارَةِ الْبَغْضَاءِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، فَكَانَ أَوْلَى أَنْوَاعِ الطَّلَاقِ بِحُكْمِ الْإِبَاحَةِ الطَّلَاقَ قَبْلِ الْبِنَاءِ.
قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ وَغَيْرُهُ: إِنَّهُ لِكَثْرَة مَا خص الرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى أَنْ يَقْصِدُوا مِنَ التَّزَوُّجِ دَوَامَ الْمُعَاشَرَةِ، وَكَانَ يَنْهَى عَنْ فِعْلِ الذَّوَّاقِينَ
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 457
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست