responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 422
الثَّالِثُ: إِرَادَتُهُ نَحْوَ إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا [الْمَائِدَة: 6] . الرَّابِعُ: الْقُدْرَةُ عَلَيْهِ نَحْوَ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ [الْأَنْبِيَاء: 104] أَيْ قَادِرِينَ.
وَالْأَجَلُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ يُطْلَقُ عَلَى الْمُدَّةِ الَّتِي يُمْهَلُ إِلَيْهَا الشَّخْصُ فِي حُدُوثِ حَادِثٍ مُعَيَّنٍ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: ضَرَبَ لَهُ أَجَلًا أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ [الْقَصَص: 28] .
وَالْمُرَادُ بِالْأَجَلِ هُنَا آخِرُ الْمُدَّةِ، لِأَنَّ قَوْلَهُ: فَبَلَغْنَ مُؤْذِنٌ بِأَنَّهُ وَصُولٌ بَعْدَ مَسِيرٍ إِلَيْهِ، وَأَسْنَدَ (بَلَغْنَ) إِلَى النِّسَاءِ لِأَنَّهُنَّ اللَّاتِي يَنْتَظِرْنَ انْقِضَاءَ الْأَجَلِ، لِيَخْرُجْنَ مِنْ حَبْسِ الْعِدَّةِ، وَإِنْ كَانَ الْأَجَلُ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ مَعًا، لِلْأَوَّلِينَ تَوْسِعَةً لِلْمُرَاجَعَةِ، وَلِلْأَخِيرَاتِ تَحْدِيدًا لِلْحِلِّ لِلتَّزَوُّجِ. وَأُضِيفَ الْأَجَلُ إِلَى ضَمِيرِ النِّسَاءِ لَهَاتِهِ النُّكْتَةِ.
وَالْقَوْلُ فِي الْإِمْسَاكِ وَالتَّسْرِيحِ مَضَى قَرِيبًا. وَفِي هَذَا الْوَجْهِ تَكْرِيرُ الْحُكْمِ الْمُفَادِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ [الْبَقَرَة: 229] فَأُجِيبَ عَنْ هَذَا بِمَا قَالَهُ الْفَخْرُ:
إِنَّ الْآيَةَ السَّابِقَةَ أَفَادَتِ التَّخْيِيرَ بَيْنَ الْإِمْسَاكِ وَالتَّسْرِيحِ فِي مُدَّةِ الْعِدَّةِ، وَهَذِهِ أَفَادَتْ ذَلِكَ التَّخْيِيرَ فِي آخِرِ أَوْقَاتِ الْعِدَّةِ، تَذْكِيرًا بِالْإِمْسَاكِ وَتَحْرِيضًا عَلَى تَحْصِيلِهِ، وَيَسْتَتْبِعُ هَذَا التَّذْكِيرُ الْإِشَارَةَ إِلَى التَّرْغِيبِ فِي الْإِمْسَاكِ، مِنْ جِهَةِ إِعَادَةِ التَّخْيِيرِ بَعْدَ تَقَدُّمِ ذِكْرِهِ، وَذَكَرَ التَّسْرِيحَ هُنَا مَعَ الْإِمْسَاكِ، لِيُظْهِرَ مَعْنَى التَّخْيِيرِ بَيْنَ أَمْرَيْنِ وَلِيَتَوَسَّلَ بِذَلِكَ إِلَى الْإِشَارَةِ إِلَى رَغْبَةِ الشَّرِيعَةِ فِي الْإِمْسَاكِ وَذَلِكَ بِتَقْدِيمِهِ فِي الذِّكْرِ إِذْ لَوْ يَذْكُرِ الْأَمْرَانِ لَمَا تَأَتَّى التَّقْدِيمُ الْمُؤْذِنُ بِالتَّرْغِيبِ وَعِنْدِي أَنَّهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أُعِيدَ الْحُكْمُ، وَلِيَبْنِيَ عَلَيْهِ مَا قَصَدَ مِنَ النَّهْيِ عَنِ الضِّرَارِ وَمَا تَلَا ذَلِكَ مِنَ التَّحْذِيرِ وَالْمَوْعِظَةِ وَذَلِكَ كُلُّهُ مِمَّا أُبْعِدَ عَنْ تَذَكُّرِهِ الْجُمَلُ السَّابِقَةِ الَّتِي اقْتَضَى الْحَال الِاعْتِرَاض فِيهَا.
وَقَوْلُهُ: أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ قَيَّدَ التَّسْرِيحَ هُنَا بِالْمَعْرُوفِ، وَقَيَّدَ فِي قَوْلِهِ السَّالِفِ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ، بِالْإِحْسَانِ لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ الْإِحْسَانَ الْمَذْكُورَ هُنَالِكَ، هُوَ عَيْنُ الْمَعْرُوفِ الَّذِي يُعْرَضُ لِلتَّسْرِيحِ، فَلَمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ لَمْ يُحْتَجْ هُنَا إِلَى الْفَرْقِ بَيْنَ قَيْدِهِ وَقَيْدِ الْإِمْسَاكِ. أَوْ لِأَنَّ إِعَادَةَ أَحْوَالِ الْإِمْسَاكِ وَالتَّسْرِيحِ هُنَا لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ النَّهْيَ عَنِ الْمُضَارَّةِ، وَالَّذِي تُخَافُ مُضَارَّتُهُ بِمَنْزِلَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ أَنْ يُطْلَبَ مِنْهُ الْإِحْسَانُ، فَطَلَبَ مِنْهُ الْحَقَّ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ الَّذِي عَدَمُ الْمُضَارَّةِ مِنْ فُرُوعِهِ، سَوَاءٌ فِي الْإِمْسَاكِ أَوْ فِي التَّسْرِيحِ، وَمُضَارَّةُ كُلٍّ بِمَا يُنَاسِبُهُ.
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: «تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَعْرُوفَ أَخَفُّ مِنَ الْإِحْسَانِ فَلَمَّا وَقَعَ الْأَمْرُ فِي الْآيَةِ
الْأُخْرَى
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 422
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست