responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 19  صفحه : 29
وَالْإِشَارَةُ فِي قَوْلِهِ: بَيْنَ ذلِكَ إِلَى الْمَذْكُورِ مِنَ الْأُمَمِ. وَمَعْنَى بَيْنَ ذلِكَ أَنَّ أُمَمًا تَخَلَّلَتْ تِلْكَ الْأَقْوَامَ ابْتِدَاءً مِنْ قَوْمِ نُوحٍ.
وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ إِيذَانٌ بِطُولِ مُدَدِ هَذِهِ الْقُرُونِ وَكَثْرَتِهَا.
وَالتَّنْوِينُ فِي كُلًّا تَنْوِينُ عِوَضٌ عَنِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ. وَالتَّقْدِيرُ: وَكُلُّهُمْ ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ وَانْتَصَبَ كُلًّا الْأَوَّلُ بِإِضْمَارِ فِعْلٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ ضَرَبْنا لَهُ تَقْدِيرُهُ: خَاطَبْنَا أَوْ حَذَّرْنَا كُلًّا وَضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ، وَانْتَصَبَ كُلًّا الثَّانِي بِإِضْمَارِ فِعْلٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ تَبَّرْنا وَكِلَاهُمَا مِنْ قَبِيلِ الِاشْتِغَالِ.
وَالتَّتْبِيرُ: التَّفْتِيتُ لِلْأَجْسَامِ الصُّلْبَةِ كَالزُّجَاجِ وَالْحَدِيدِ. أطلق التَّتْبِيرُ عَلَى الْإِهْلَاكِ عَلَى طَرِيقَةِ الِاسْتِعَارَةِ تَبَعِيَّةً فِي تَبَّرْنا وَأَصْلِيَّةً فِي تَتْبِيراً، وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ هؤُلاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ [139] ، وَقَوْلِهِ: وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً فِي سُورَةِ الْإِسْرَاءِ [7] . وَانْتَصَبَ تَتْبِيراً عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ مُؤَكِّدٌ لِعَامِلِهِ لِإِفَادَةِ شِدَّةِ هَذَا الْإِهْلَاكِ.
وَمَعْنَى ضَرْبِ الْأَمْثَالِ: قَوْلُهَا وَتَبْيِينُهَا وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [26] .
وَالْمِثْلُ: النَّظِيرُ وَالْمُشَابِهُ، أَيْ بَيَّنَّا لَهُمُ الْأَشْبَاهَ وَالنَّظَائِرَ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ لِيَعْرِضُوا
حَالَ أَنْفُسِهِمْ عَلَيْهَا. قَالَ تَعَالَى: وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ وَضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ [إِبْرَاهِيم: 45] .
[40]

[سُورَة الْفرْقَان (25) : آيَة 40]
وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَها بَلْ كانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُوراً (40)
لَمَّا كَانَ سَوْقُ خَبَرِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَأَصْحَابِ الرَّسِّ وَمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْقُرُونِ مَقْصُودًا لِاعْتِبَارِ قُرَيْشٍ بِمَصَائِرِهِمْ نُقِلَ نَظْمُ الْكَلَامِ هُنَا إِلَى إِضَاعَتِهِمُ الِاعْتِبَارَ بِذَلِكَ وَبِمَا هُوَ أَظْهَرُ مِنْهُ لِأَنْظَارِهِمْ، وَهُوَ آثَارُ الْعَذَابِ الَّذِي نَزَلَ بِقَرْيَةِ قَوْمِ لُوطٍ.
وَاقْتِرَانُ الْخَبَرِ بِلَامِ الْقَسَمِ لِإِفَادَةِ مَعْنَى التَّعْجِيبِ مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِهِمْ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ [الْفرْقَان: 21] . وَكَانَتْ قُرَيْشٌ يَمُرُّونَ بِدِيَارِ قَوْمِ لُوطٍ فِي أَسْفَارِهِمْ
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 19  صفحه : 29
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست