responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 19  صفحه : 206
أَسْمَاءِ الِاسْتِفْهَامِ تَرَجَّحَ فِيهَا جَانِبُ الِاسْمِيَّةِ فَدَخَلَ الْحَرْفُ عَلَيْهَا وَلَمْ تُقَدَّمْ هِيَ عَلَيْهِ، فَلِذَلِكَ تَقُولُ: أَعَلَى زَيْدٍ مَرَرْتَ؟
وَلَا تَقُولُ: مَنْ عَلَى مَرَرْتَ؟ وَإِنَّمَا تَقُولُ: عَلَى مَنْ مَرَرْتَ؟ وَكَذَا فِي بَقِيَّةِ أَسْمَاءِ الِاسْتِفْهَامِ نَحْوُ عَمَّ يَتَساءَلُونَ [النبأ: 1] ، مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ [عبس: 18] ، وَقَوْلُهُمْ: عَلَامَ، وَإِلَامَ، وَحَتَّامَ، وفِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها [النازعات: 43] .
وَأُجِيبَ الِاسْتِفْهَامُ هُنَا بِقَوْلِهِ: تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ.
وكُلِّ هُنَا مُسْتَعْمَلَةٌ فِي مَعْنَى التَّكْثِيرِ، أَيْ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ الْأَفَّاكِينَ وَهُمُ الْكُهَّانُ، قَالَ النَّابِغَةُ:
وَكُلِّ صَمُوتٍ نَثْلَةٍ تُبَّعِيَّةٍ ... وَنَسْجُ سُلَيْمٍ كُلَّ قَمْصَاءَ ذَائِلُ
وَالْأَفَّاكُ كَثِيرُ الْإِفْكِ، أَيِ الْكَذِبُ، وَالْأَثِيمُ كَثِيرُ الْإِثْمِ. وَإِنَّمَا كَانَ الْكَاهِنُ أَثِيمًا لِأَنَّهُ يَضُمُّ إِلَى كَذِبِهِ تَضْلِيلَ النَّاسِ بِتَمْوِيهِ أَنَّهُ لَا يَقُولُ إِلَّا صِدْقًا، وَأَنَّهُ يَتَلَقَّى الْخَبَرَ مِنَ الشَّيَاطِينِ الَّتِي تَأْتِيهِ بِخَبَرِ السَّمَاءِ.
وَجُعِلَ لِلشَّيَاطِينِ تَنَزَّلُ لِأَنَّ اتِّصَالَهَا بِنُفُوسِ الْكُهَّانِ يَكُونُ بِتَسَلْسُلِ تَمَوُّجَاتٍ فِي الْأَجْوَاءِ الْعُلْيَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْحِجْرِ.
ويُلْقُونَ السَّمْعَ صِفَةٌ لِ كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ، أَيْ يُظْهِرُونَ أَنَّهُمْ يُلْقُونَ أَسْمَاعَهُمْ عِنْدَ مُشَاهَدَةِ كَوَاكِبَ لِتَتَنَزَّلَ عَلَيْهِمْ شَيَاطِينُهُمْ بِالْخَبَرِ، وَذَلِكَ مِنْ إِفْكِهِمْ وَإِثْمِهِمْ.
وَإِلْقَاءُ السَّمْعِ: هُوَ شِدَّةُ الْإِصْغَاءِ حَتَّى كَأَنَّهُ إِلْقَاءٌ لِلسَّمْعِ مِنْ مَوْضِعِهِ، شَبَّهَ تَوْجِيهَ حَاسَّةِ السَّمْعِ إِلَى الْمَسْمُوعِ الْخَفِيِّ بِإِلْقَاءِ الْحَجَرِ مِنَ الْيَدِ إِلَى الْأَرْضِ أَوْ فِي الْهَوَاءِ قَالَ تَعَالَى: أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ [ق: 37] ، أَيْ أَبْلَغُ فِي الْإِصْغَاءِ لِيَعِيَ مَا يُقَالُ لَهُ.
وَهَذَا كَمَا أُطْلِقَ عَلَيْهِ إِصْغَاءٌ، أَيْ إِمَالَةُ السَّمْعِ إِلَى الْمَسْمُوعِ.
وَقَوْلُهُ: وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ أَيْ أَكْثَرُ هَؤُلَاءِ الْأَفَّاكِينَ كَاذِبُونَ فِيمَا يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ تَلَقَّوْهُ مِنَ الشَّيَاطِينِ وَهُمْ لَمْ يَتَلَقَّوْا مِنْهَا شَيْئًا، أَيْ وَبَعْضُهُمْ يَتَلَقَّى شَيْئًا قَلِيلًا مِنَ الشَّيَاطِينِ فَيَكْذِبُ عَلَيْهِ أَضْعَافَهُ.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 19  صفحه : 206
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست