responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 18  صفحه : 7
وَإِلَى الِاعْتِبَارِ وَالِامْتِنَانِ بِمَصْنُوعَاتِ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي أَصْلُهَا الْمَاءُ الَّذِي بِهِ حَيَاةُ مَا فِي هَذَا الْعَالَمِ مِنَ الْحَيَوَانِ وَالنَّبَاتِ وَمَا فِي ذَلِكَ مِنْ دَقَائِقِ الصُّنْعِ، وَمَا فِي الْأَنْعَامِ مِنَ الْمَنَافِعِ وَمِنْهَا الْحَمْلُ.
وَمِنْ تَسْخِيرِ الْمَنَافِعِ لِلنَّاسِ وَمَا أُوتِيَهُ الْإِنْسَانُ مِنْ آلَاتِ الْفِكْرِ وَالنَّظَرِ. وَوَرَدَ ذِكْرُ الْحَمْلِ عَلَى الْفُلْكِ فَكَانَ مِنْهُ تَخَلُّصٌ إِلَى بِعْثَةِ نُوحٍ وَحَدَثِ الطُّوفَانِ.
وَانْتَقَلَ إِلَى التَّذْكِيرِ بِبِعْثَةِ الرُّسُلِ لِلْهُدَى وَالْإِرْشَادِ إِلَى التَّوْحِيدِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَمَا تَلَقَّاهَا بِهِ أَقْوَامُهُمْ مِنَ الْإِعْرَاضِ وَالطَّعْنِ وَالتَّفَرُّقِ، وَمَا كَانَ مِنْ عِقَابِ الْمُكَذِّبِينَ، وَتِلْكَ أَمْثَالٌ لِمَوْعِظَةِ الْمُعْرِضِينَ عَنْ دَعْوَة مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْقَبَ ذَلِكَ بِالثَّنَاءِ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّقَوْا.
وَبِتَنْبِيهِ الْمُشْرِكِينَ عَلَى أَنَّ حَالَهُمْ مُمَاثِلٌ لِأَحْوَالِ الْأُمَمِ الْغَابِرَةِ وَكَلِمَتَهُمْ وَاحِدَةٌ فَهُمْ عُرْضَةٌ لِأَنْ يَحِلَّ بِهِمْ مَا حَلَّ بِالْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ الْمُكَذِّبَةِ. وَقَدْ أَرَاهُمُ اللَّهُ مَخَائِلَ الْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يُقْلِعُونَ عَنِ الْعِنَادِ فَأَصَرُّوا عَلَى إِشْرَاكِهِمْ بِمَا أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي عُقُولِهِمْ.
وَذُكِّرُوا بِأَنَّهُمْ يُقِرُّونَ إِذَا سُئِلُوا بِأَنَّ اللَّهَ مُفْرَدٌ بِالرُّبُوبِيَّةِ وَلَا يُجْرُونَ عَلَى مُقْتَضَى إِقْرَارِهِمْ وَأَنَّهُمْ سَيَنْدَمُونَ على الْكفْر عِنْد مَا يَحْضُرُهُمُ الْمَوْتُ وَفِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
وَبِأَنَّهُمْ عَرَفُوا الرَّسُولَ وَخَبَرُوا صِدْقَهُ وَأَمَانَتَهُ وَنُصْحَهُ الْمُجَرَّدَ عَنْ طَلَبِ الْمَنْفَعَةِ لِنَفْسِهِ إِلَّا ثَوَابَ اللَّهِ فَلَا عُذْرَ لَهُمْ بِحَالٍ فِي إِشْرَاكِهِمْ وَتَكْذِيبِهِمُ الرِّسَالَةَ، وَلَكِنَّهُمْ مُتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ مُعْرِضُونَ عَنِ الْحَقِّ. وَمَا تَخَلَّلَ ذَلِكَ مِنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ.
وَخُتِمَتْ بِأَمْر النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَغُضَّ عَنْ سُوءِ مُعَامَلَتِهِمْ وَيَدْفَعَهَا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، وَيَسْأَلَ الْمَغْفِرَةَ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَذَلِكَ هُوَ الْفَلَاحُ الَّذِي ابْتُدِئَتْ بِهِ السُّورَة.
[1]

[سُورَة الْمُؤْمِنُونَ (23) : آيَة 1]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 18  صفحه : 7
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست