responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 18  صفحه : 176
الصِّدْقَ فِي مِثْلِ الْخَبَرِ الَّذِي أَخْبَرُوا بِهِ فَالَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ اخْتَلَقُوهُ مِنْ سُوءِ ظُنُونِهِمْ فَلَمْ يَسْتَنِدُوا إِلَى مُشَاهَدَةِ مَا أَخْبَرُوا بِهِ وَلَا إِلَى شَهَادَةِ مَنْ شَاهَدُوهُ مِمَّنْ يُقْبَلُ مِثْلُهُمْ فَكَانَ خَبَرُهُمْ إِفْكًا. وَهَذَا مُسْتَنِدٌ إِلَى الْحُكْمِ الْمُتَقَرَّرِ مِنْ قَبْلُ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً [النُّور: 4] فَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ أَوَّلَ سُورَةِ النُّورِ نَزَلَ أَوَاخِرَ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ أَوْ أَوَائِلَ سَنَةِ ثَلَاثٍ قَبْلَ اسْتِشْهَادِ مَرْثَدِ بْنِ أَبِي مَرْثَدٍ.
وَصِيغَةُ الْحَصْرِ فِي قَوْلِهِ: فَأُولئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكاذِبُونَ لِلْمُبَالَغَةِ كَأَنَّ كَذِبَهُمْ لِقُوَّتِهِ وَشَنَاعَتِهِ لَا يُعَدُّ غَيْرُهُمْ مِنَ الْكَاذِبِينَ كَاذِبًا فَكَأَنَّهُمُ انْحَصَرَتْ فِيهِمْ مَاهِيَّةُ الْمَوْصُوفِينَ بِالْكَذِبِ.
وَاسْمُ الْإِشَارَةِ لِزِيَادَةِ تَمْيِيزِهِمْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ لِيَحْذَرَ النَّاسُ أَمْثَالَهُمْ.
وَالتَّقْيِيدُ بِقَوْلِهِ: عِنْدَ اللَّهِ لِزِيَادَةِ تَحْقِيقِ كَذِبِهِمْ، أَيْ هُوَ كَذِبٌ فِي عِلْمِ اللَّهِ فَإِنَّ عِلْمَ اللَّهِ لَا يَكُونُ إِلَّا مُوَافِقًا لِنَفْسِ الْأَمْرِ. وَلَيْسَ الْمُرَادُ مَا ذَكَرَهُ كَثِيرٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّ مَعْنَى عِنْدَ اللَّهِ فِي شَرْعِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ يُصَيِّرُهُ قَيْدًا لِلِاحْتِرَازِ. فَيَصِيرُ الْمَعْنَى: هُمُ الْكَاذِبُونَ فِي إِجْرَاءِ أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ. وَهَذَا يُنَافِي غَرَضَ الْكَلَامِ وَيُجَافِي مَا اقْتَرَنَ بِهِ مِنْ تَأْكِيدِ وَصْفِهِمْ بِالْكَذِبِ عَلَى أَنَّ كَوْنَ ذَلِكَ هُوَ شَرْعُ اللَّهِ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً [النُّور: 4] إِلَى قَوْلِهِ: فَأُولئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكاذِبُونَ. فَمَسْأَلَةُ الْأَخْذِ بِالظَّاهِرِ فِي إِجْرَاءِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى لَا تُؤْخَذُ مِنْ
هَذِه الْآيَة.
[14]

[سُورَة النُّور (24) : آيَة 14]
وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذابٌ عَظِيمٌ (14)
لَوْلا هَذِهِ حَرْفُ امْتِنَاعٍ لِوُجُودٍ. وَالْفَضْلُ فِي الدُّنْيَا يَتَعَيَّنُ أَنَّهُ إِسْقَاطُ عُقُوبَةِ الْحَدِّ عَنْهُمْ بِعَفْوِ عَائِشَةَ وَصَفْوَانَ عَنْهُمْ، وَفِي الْآخِرَةِ إِسْقَاطُ الْعِقَابِ
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 18  صفحه : 176
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست