responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 17  صفحه : 95
وَجَعْلُ الْعُكُوفِ مُسْنَدًا إِلَى ضَمِيرِهِمْ مُؤْذِنٌ بِأَنَّ إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَكُنْ مِنْ قَبْلُ مُشَارِكًا لَهُمْ فِي ذَلِكَ فَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ فِي مَقَامِ الرَّدِّ عَلَيْهِمْ، ذَلِكَ أَنَّ الْإِتْيَانَ بِالْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ فِيهِ معنى الْعِبَادَة، فَذَلِك عُدِّيَ بِاللَّامِ لِإِفَادَةِ مُلَازَمَةِ عِبَادَتِهَا.
وَجَاءُوا فِي جَوَابِهِ بِمَا تَوَهَّمُوا إِقْنَاعَهُ بِهِ وَهُوَ أَنَّ عِبَادَةَ تِلْكَ الْأَصْنَامِ كَانَتْ مِنْ عَادَةِ آبَائِهِمْ فَحَسِبُوهُ مِثْلَهُمْ يُقَدِّسُ عَمَلَ الْآبَاءِ وَلَا يَنْظُرُ فِي مُصَادَفَتِهِ الْحَقَّ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَلْبَثْ أَنْ أَجَابَهُمْ: لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ مُؤَكِّدًا ذَلِكَ بِلَامِ الْقَسَمِ.
وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مِنِ اجْتِلَابِ فِعْلِ الْكَوْنِ وَحَرْفُ الظَّرْفِيَّةِ، إِيمَاءٌ
إِلَى تَمَكُّنِهِمْ مِنَ الضَّلَالِ وَانْغِمَاسِهِمْ فِيهِ لِإِفَادَةِ أَنَّهُ ضَلَالٌ بَوَاحٌ لَا شُبْهَةَ فِيهِ، وَأَكَّدَ ذَلِكَ بِوَصْفِهِ بِ مُبِينٍ. فَلَمَّا ذَكَرُوا لَهُ آبَاءَهُمْ شَرَّكَهُمْ فِي التَّخْطِئَةِ بِدُونِ هَوَادَةٍ بِعَطْفِ الْآبَاءِ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ لِيَعْلَمُوا أَنَّهُمْ لَا عُذْرَ لَهُمْ فِي اتِّبَاعِ آبَائِهِمْ وَلَا عُذْرَ لِآبَائِهِمْ فِي سنَن ذَلِكَ لَهُمْ لِمُنَافَاةِ حَقِيقَةِ تِلْكَ الْأَصْنَامِ لِحَقِيقَةِ الْأُلُوهِيَّةِ وَاسْتِحْقَاقِ الْعِبَادَةِ.
وَلِإِنْكَارِهِمْ أَنْ يَكُونَ مَا عَلَيْهِ آبَاؤُهُمْ ضَلَالًا، وَإِيقَانِهِمْ أَنَّ آبَاءَهُمْ عَلَى الْحَقِّ، شَكُّوا فِي حَالِ إِبْرَاهِيمَ أَنَطَقَ عَنْ جِدٍّ مِنْهُ وَأَنَّ ذَلِكَ اعْتِقَادَهُ فَقَالُوا أَجِئْتَنا بِالْحَقِّ، فَعَبَّرُوا عَنْهُ بِالْحَقِّ الْمُقَابِلِ لِلَّعِبِ وَذَلِكَ مُسَمَّى الْجِدِّ. فَالْمَعْنَى: بِالْحَقِّ فِي اعْتِقَادِكَ أَمْ أَرَدْتَ بِهِ الْمَزْحَ، فَاسْتَفْهَمُوا وَسَأَلُوهُ أَجِئْتَنا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ. وَالْبَاءُ لِلْمُصَاحَبَةِ.
وَالْمُرَادُ بِاللَّعِبِ هُنَا لَعِبُ الْقَوْلِ وَهُوَ الْمُسَمَّى مَزْحًا، وَأَرَادُوا بِتَأْوِيلِ
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 17  صفحه : 95
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست