responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 17  صفحه : 349
هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ جُمْلَةُ هُوَ اجْتَباكُمْ إِنْ حُمِلَتْ عَلَى أَنَّهَا وَاقِعَةٌ مَوْقِعَ الْعِلَّةِ لِمَا أُمِرُوا بِهِ ابْتِدَاءً مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا [الْحَج: 77] إِلَخْ، أَيْ لِأَنَّهُ لَمَّا اجْتَبَاكُمْ، كَانَ حَقِيقًا بِالشُّكْرِ لَهُ بِتِلْكَ الْخِصَالِ الْمَأْمُورِ بِهَا.
وَالِاجْتِبَاءُ: الِاصْطِفَاءُ وَالِاخْتِبَارُ، أَيْ هُوَ اخْتَارَكُمْ لِتَلَقِّي دِينِهِ وَنَشْرِهِ وَنَصْرِهِ عَلَى مُعَانِدِيهِ. فَيَظْهَرُ أَنَّ هَذَا مُوَجَّهٌ لِأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَالَةً وَيَشْرِكُهُمْ فِيهِ كُلُّ مَنْ جَاءَ بِعْدَهُمْ بِحُكْمِ اتِّحَادِ الْوَصْفِ فِي الْأَجْيَالِ كَمَا هُوَ الشَّأْنُ فِي مُخَاطِبَاتِ التَّشْرِيعِ.
وَإِنْ حُمِلَ قَوْلُهُ هُوَ اجْتَباكُمْ عَلَى مَعْنَى التَّفْضِيلِ عَلَى الْأُمَمِ كَانَ مَلْحُوظًا فِيهِ تَفْضِيلُ مَجْمُوعِ الْأُمَّةِ عَلَى مَجْمُوعِ الْأُمَمِ السَّابِقَةِ الرَّاجِعِ إِلَى تَفْضِيلِ كُلِّ طَبَقَةٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى الطَّبَقَةِ الْمُمَاثِلَةِ لَهَا مِنَ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ مِثْلُ هَذَيْنِ الْمَحْمَلَيْنِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ [آل عمرَان: 110] .
وَأُعْقِبَ ذَلِكَ بِتَفْضِيلِ هَذَا الدِّينِ الْمُسْتَتْبِعِ تَفْضِيلَ أَهْلِهِ بِأَنْ جَعَلَهُ دِينًا لَا حَرَجَ فِيهِ لِأَنَّ ذَلِكَ يُسَهِّلُ الْعَمَلَ بِهِ مَعَ حُصُولِ مَقْصِدِ الشَّرِيعَةِ مِنَ الْعَمَلِ فَيَسْعَدُ أَهْلُهُ بِسُهُولَةِ امْتِثَالِهِ، وَقَدِ امْتَنَّ اللَّهُ تَعَالَى بِهَذَا الْمَعْنَى فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ، مِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى:
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 17  صفحه : 349
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست