responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 16  صفحه : 265
وَالتَّصْلِيبُ: مُبَالَغَةٌ فِي الصَّلْبِ. وَالصَّلْبُ: رَبْطُ الْجِسْمِ عَلَى عُودٍ مُنْتَصِبٍ أَوْ دَقُّهُ عَلَيْهِ بِمَسَامِيرَ، وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ [157] .
وَالْمُبَالَغَةُ رَاجِعَةٌ إِلَى الْكَيْفِيَّةِ أَيْضًا بِشِدَّةِ الدَّقِّ عَلَى الْأَعْوَادِ.
وَلِذَلِكَ عدلَ عَنْ حَرْفِ الِاسْتِعْلَاءِ إِلَى حَرْفِ الظَّرْفِيَّةِ تَشْبِيهًا لِشِدَّةِ تَمَكُّنِ الْمَصْلُوبِ مِنَ الْجِذْعِ بِتَمَكُّنِ الشَّيْءِ الْوَاقِعِ فِي وِعَائِهِ.
وَالْجُذُوعُ: جَمْعُ جِذْعٍ- بِكَسْرِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الذَّالِ- وَهُوَ عُودُ النَّخْلَةِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ [مَرْيَم: 25] . وَتَعْدِيَةُ فِعْلِ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ بِحَرْفِ (فِي) مَعَ أَنَّ الصَّلْبَ يَكُونُ فَوْقَ الْجِذْعِ لَا دَاخِلَهُ لِيَدُلَّ عَلَى أَنَّهُ صَلْبٌ مُتَمَكِّنٌ يُشْبِهُ حُصُولَ الْمَظْرُوفِ فِي الظَّرْفِ، فَحَرْفُ (فِي) اسْتِعَارَةٌ تَبَعِيَّةٌ تَابِعَةٌ لِاسْتِعَارَةِ مُتَعَلِّقِ مَعْنَى (فِي) لِمُتَعَلِّقِ مَعْنَى (عَلَى) .
وَأَيُّنَا: اسْتِفْهَامٌ عَنْ مُشْتَرِكِينَ فِي شِدَّةِ التَّعْذِيبِ. وَفِعْلُ لَتَعْلَمُنَّ مُعَلَّقٌ عَنِ الْعَمَلِ لِوِقُوعِ الِاسْتِفْهَامِ فِي آخِرِهِ. وَأَرَادَ بِالْمُشْتَرِكِينَ نَفْسَهُ وَرَبَّ مُوسَى سُبْحَانَهُ لِأَنَّهُ عَلِمَ مِنْ قَوْلِهِمْ آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى [الشُّعَرَاء: 47] أَنَّ الَّذِي حَمَلَهُمْ عَلَى الْإِيمَانِ بِهِ مَا قَدَّمَ لَهُمْ
مُوسَى مِنَ الْمَوْعِظَةِ حِينَ قَالَ لَهُمْ بِمَسْمَعٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ [طه: 61] ، أَيْ وَسَتَجِدُونَ عَذَابِيَ أَشَدَّ مِنَ الْعَذَابِ الَّذِي حُذِّرْتُمُوهُ. وَهَذَا مِنْ غُرُورِهِ. وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مُرَادُ فِرْعَوْنَ مَا قَابَلَ بِهِ الْمُؤْمِنُونَ قَوْلَهُ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى بِقَوْلِهِمْ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقى [طه: 73] ، أَيْ خَيْرٌ مِنْكَ وَأَبْقَى عَمَلًا مِنْ عَمَلِكَ، فَثَوَابُهُ خَيْرٌ مِنْ رِضَاكَ وَعَذَابُهُ أَشَدُّ من عذابك.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 16  صفحه : 265
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست