responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 15  صفحه : 78
وَأَمَّا إِيتَاءُ ابْنِ السَّبِيلِ فَلِإِكْمَالِ نِظَامِ الْمُجْتَمَعِ، لِأَنَّ الْمَارَّ بِهِ مِنْ غَيْرِ بَنِيهِ بِحَاجَةٍ عَظِيمَةٍ إِلَى الْإِيوَاءِ لَيْلًا لِيَقِيَهُ مِنْ عَوَادِي الْوُحُوشِ وَاللُّصُوصِ، وَإِلَى الطَّعَامِ وَالدِّفْءِ أَو التظلل وقاية مِنْ إِضْرَار الْجُوع والقر أَوِ الْحَرِّ.
وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ وَكانَ الشَّيْطانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً لَمَّا ذُكِرَ الْبَذْلُ الْمَحْمُودُ وَكَانَ ضِدُّهُ مَعْرُوفًا عِنْدَ الْعَرَبِ أَعْقَبَهُ بِذِكْرِهِ لِلْمُنَاسَبَةِ.
وَلِأَنَّ فِي الِانْكِفَافِ عَنِ الْبَذْلِ غَيْرِ الْمَحْمُودِ الَّذِي هُوَ التَّبْذِيرُ اسْتِبْقَاءٌ لِلْمَالِ الَّذِي يَفِي بِالْبَذْلِ الْمَأْمُورِ بِهِ، فَالِانْكِفَافُ عَنْ هَذَا تَيْسِيرٌ لِذَاكَ وَعَوْنٌ عَلَيْهِ، فَهَذَا وَإِنْ كَانَ غَرَضًا مُهِمًّا مِنَ التَّشْرِيعِ الْمَسُوقِ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ قَدْ وَقَعَ مَوْقِعَ الِاسْتِطْرَادِ فِي أَثْنَاءِ الْوَصَايَا الْمُتَعَلِّقَةِ بِإِيتَاءِ الْمَالِ لِيُظْهِرَ كَوْنَهُ وَسِيلَةً لِإِيتَاءِ الْمَالِ لِمُسْتَحِقِّيهِ، وَكَوْنَهُ مَقْصُودًا بِالْوِصَايَةِ أَيْضًا لِذَاتِهِ.
وَلِذَلِكَ سَيَعُودُ الْكَلَامُ إِلَى إِيتَاءِ الْمَالِ لِمُسْتَحِقِّيهِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ النَّهْيِ عَنِ التَّبْذِيرِ بِقَوْلِهِ:
وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ الْآيَة، [الْإِسْرَاء: 28] ثُمَّ يَعُودُ الْكَلَامُ إِلَى مَا يبين أَحْكَامِ التَّبْذِيرِ
بِقَوْلِهِ: وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ [الْإِسْرَاء: 29] .
وَلَيْسَ قَوْلُهُ: وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ: وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ إِلَخْ.. لِأَنَّ التَّبْذِيرَ لَا يُوصَفُ بِهِ بَذْلُ الْمَالِ فِي حَقِّهِ وَلَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ حَاجَةِ الْمُعْطَى (بِالْفَتْحِ) .
فَجُمْلَةُ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ [الْإِسْرَاء: 23] لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ مَا قَضَى اللَّهُ بِهِ، وَهِيَ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ جُمْلَةِ وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ الْآيَةَ وَجُمْلَةُ وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ الْآيَة [الْإِسْرَاء: 2] ، فَتَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ وَصِيَّةً سَادِسَةً مِمَّا قَضَى اللَّهُ بِهِ.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 15  صفحه : 78
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست