responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 15  صفحه : 59
خَبَرُ (كَانَ) فِعْلًا مُضَارِعًا لِدَلَالَتِهِ عَلَى الِاسْتِمْرَارِ زِيَادَةَ تَحْقِيقٍ لِتَمَحُّضِ إِرَادَتِهِ فِي ذَلِكَ.
والْعاجِلَةَ صِفَةُ مَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ يُعْلَمُ مِنَ السِّيَاقِ، أَيِ الْحَيَاةَ الْعَاجِلَةَ، كَقَوْلِهِ:
مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها [هود: 15] .
وَالْمُرَادُ مِنَ التَّعْجِيلِ الْعُرْفِيُّ وَهُوَ الْمُبَادَرَةُ الْمُتَعَارَفَةُ، أَيْ أَنْ يُعْطَى ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا قَبْلَ الْآخِرَةِ، فَذَلِكَ تَعْجِيلٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَقَرِينَةُ ذَلِكَ قَوْلُهُ: فِيها.
وَإِنَّمَا زَادَ قَيْدَيْ مَا نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ لِأَنَّ مَا يُعْطَاهُ مَنْ أَرَادُوا الْعَاجِلَةَ يُعْطَاهُ بَعْضُهُمْ بِالْمَقَادِيرِ الَّتِي شَاءَ اللَّهُ إِعْطَاءَهَا.
وَالْمَشِيئَةُ: الطَّوَاعِيَةُ وَانْتِفَاءُ الْإِكْرَاهِ.
وَقَوْلُهُ: لِمَنْ نُرِيدُ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ: لَهُ بَدَلَ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ بِإِعَادَةِ الْعَامِلِ، فَضَمِيرُ لَهُ عَائِدٌ إِلَى مَنْ بِاعْتِبَارِ لَفْظِهِ، وَهُوَ عَامٌّ لِكُلِّ مُرِيدِ الْعَاجِلَةِ فَأُبْدِلَ مِنْهُ بَعْضُهُ، أَيْ عَجَّلْنَا لِمَنْ نُرِيدُ مِنْكُمْ، وَمَفْعُولُ الْإِرَادَةِ مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ مَا سَبَقَهُ، أَيْ لِمَنْ نُرِيدُ التَّعْجِيلَ لَهُ، وَهُوَ نَظِيرُ مَفْعُولِ الْمَشِيئَةِ الَّذِي كَثُرَ حَذْفُهُ لِدَلَالَةِ كَلَامٍ سَابِقٍ. وَفِيهِ خُصُوصِيَّةُ الْبَيَانِ بَعْدَ الْإِبْهَامِ. وَلَوْ كَانَ الْمَقْصُودُ غَيْرَ ذَلِكَ لَوَجَبَ فِي صِنَاعَةِ الْكَلَامِ التَّصْرِيحُ بِهِ.
وَالْإِرَادَةُ: مُرَادِفُ الْمَشِيئَةِ، فَالتَّعْبِيرُ بِهَا بَعْدَ قَوْلِهِ: مَا نَشاءُ تَفَنُّنٌ. وَإِعَادَةُ حَرْفِ الْجَرِّ الْعَامِلِ فِي الْمُبدل مِنْهُ لِتَأْكِيدِ مَعْنَى التَّبَعِيَّةِ وَلِلِاسْتِغْنَاءِ عَنِ الرَّبْطِ بِضَمِيرِ الْمُبْدَلِ مِنْهُمْ بِأَنْ يُقَالَ: مَنْ نُرِيدُ مِنْهُمْ.
وَالْمَعْنَى: أَنَّ هَذَا الْفَرِيقَ الَّذِي يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا فَقَطْ قَدْ نُعْطِي بَعْضَهُمْ بَعْضَ مَا يُرِيدُ عَلَى حَسَبِ مَشِيئَتِنَا وَإِرَادَتِنَا لِأَسْبَابِ مُخْتَلفَة. وَلَا يخلوا أَحَدٌ فِي الدُّنْيَا مِنْ أَنْ يَكُونَ قَدْ عُجِّلَ لَهُ بَعْضُ مَا يَرْغَبُهُ مِنْ لَذَّاتِ الدُّنْيَا.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 15  صفحه : 59
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست