responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 15  صفحه : 370
وَ (عَلَى) مُسْتَعْمَلَةٌ فِي مَعْنَى الِاشْتِرَاطِ لِأَنَّهُ اسْتِعْلَاءٌ مَجَازِيٌّ. جُعِلَ الِاتِّبَاعُ كَأَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ فَوْقَ التَّعْلِيمِ لِشِدَّةِ الْمُقَارَنَةِ بَيْنَهُمَا. فَصِيغَةُ: أَفْعَلُ كَذَا عَلَى كَذَا، مِنْ صِيَغِ الِالْتِزَامِ وَالتَّعَاقُدِ.
وَيُؤْخَذُ مِنَ الْآيَةِ جَوَازُ التَّعَاقُدِ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَالْعِلْمِ، كَمَا فِي حَدِيثِ تَزْوِيجِ الْمَرْأَةِ الَّتِي عَرَضَتْ نَفْسَهَا على النبيء صلّى الله عَلَيْهِ وَآله وسلّم فَلَمْ يَقْبَلْهَا، فَزَوَّجَهَا مَنْ رَغِبَ فِيهَا عَلَى أَنْ يُعَلِّمَهَا مَا مَعَهُ مِنَ الْقُرْآنِ.
وَفِيهِ أَنَّهُ الْتِزَامٌ يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ. وَقَدْ تَفَرَّعَ عَنْ حُكْمِ لُزُومِ الِالْتِزَامِ أَنَّ الْعُرْفَ فِيهِ يَقُومُ مَقَامَ الِاشْتِرَاطِ فَيَجِبُ عَلَى الْمُنْتَصِبِ لِلتَّعْلِيمِ أَنْ يُعَامِلَ الْمُتَعَلِّمِينَ بِمَا جَرَى عَلَيْهِ عُرْفُ أَقَالِيمِهِمْ.
وَذَكَرَ عِيَاضٌ فِي بَابِ صِفَةِ مَجْلِسِ مَالِكٍ لِلْعِلْمِ مِنْ كِتَابِ الْمَدَارِكِ: أَنَّ رَجُلًا خُرَاسَانِيًّا جَاءَ مِنْ خُرَاسَانَ إِلَى الْمَدِينَةِ لِلسَّمَاعِ مِنْ مَالِكٍ فَوَجَدَ النَّاسَ يَعْرِضُونَ عَلَيْهِ وَهُوَ يَسْمَعُ وَلَا يَسْمَعُونَ قِرَاءَةً مِنْهُ عَلَيْهِمْ، فَسَأَلَهُ أَنْ يَقْرَأَ عَلَيْهِمْ فَأبى مَالك، فاستعدى الْخُرَاسَانِيُّ قَاضِيَ الْمَدِينَةِ. وَقَالَ: جِئْتُ مِنْ خُرَاسَانَ وَنَحْنُ لَا نَرَى الْعَرْضَ وَأَبَى مَالِكٌ أَنْ يَقْرَأَ عَلَيْنَا. فَحَكَمَ الْقَاضِي عَلَى مَالِكٍ: أَنْ يَقْرَأَ لَهُ، فَقِيلَ لِمَالِكٍ: أَأَصَابَ الْقَاضِي الْحَقَّ؟
قَالَ: نَعَمْ.
وَفِيهِ أَيْضًا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ حَقَّ الْمُعَلِّمِ عَلَى الْمُتَعَلِّمِ اتِّبَاعُهُ وَالِاقْتِدَاءُ بِهِ.
وَانْتَصَبَ رُشْداً عَلَى المفعولية ل تُعَلِّمَنِ أَيْ مَا بِهِ الرُّشْدُ، أَيِ الْخَيْرُ.
وَهَذَا الْعِلْمُ الَّذِي سَأَلَ مُوسَى تَعَلُّمَهُ هُوَ مِنَ الْعِلْمِ النَّافِعِ الَّذِي لَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّشْرِيعِ لِلْأُمَّةِ الْإِسْرَائِيلِيَّةِ، فَإِنَّ مُوسَى مُسْتَغْنٍ فِي عِلْمِ التَّشْرِيعِ عَنِ الِازْدِيَادِ إِلَّا مِنْ وَحْيِ اللَّهِ إِلَيْهِ مُبَاشَرَةً، لِأَنَّهُ لِذَلِكَ أَرْسَلَهُ وَمَا عَدَا ذَلِكَ لَا تَقْتَضِي الرِّسَالَةُ عِلْمَهُ. وَقَدْ
قَالَ النبيء صلّى الله عَلَيْهِ وَآله وسلّم فِي قِصَّةِ الَّذين وجدهم يؤبّرون النَّخْلَ «أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأُمُورِ دُنْيَاكُمْ»
. وَرَجَعَ يَوْمَ بَدْرٍ إِلَى قَوْلِ الْمُنْذِرِ بْنِ الْحَارِثِ فِي أَنَّ الْمَنْزِلَ الَّذِي نَزَلَهُ جَيْشُ الْمُسْلِمِينَ بِبَدْرٍ أَوَّلَ مَرَّةٍ لَيْسَ الْأَلْيَقَ بِالْحَرْبِ.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 15  صفحه : 370
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست