responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 163
وَالذِّكْرُ الْكَلَامُ الَّذِي شَأْنُهُ أَنْ يُذْكَرَ، أَيْ يُتْلَى وَيُكَرَّرَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى:
وَقالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ فِي سُورَةِ الْحِجْرِ [6] . أَيْ مَا كُنْتَ بِدَعًا مِنَ الرُّسُلِ فَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ. وَالذِّكْرُ: مَا أُنْزِلَ ليقرأه النَّاس ويتلونه تَكْرَارًا لِيَتَذَكَّرُوا مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ. وَتَقْدِيمُ الْمُتَعَلِّقِ الْمَجْرُورِ عَلَى الْمَفْعُولِ لِلِاهْتِمَامِ بِضَمِيرِ الْمُخَاطَبِ.
وَفِي الِاقْتِصَارِ عَلَى إِنْزَالِ الذِّكْرِ عَقِبَ قَوْلِهِ: بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ الْكِتَابَ الْمُنَزَّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ بَيِّنَةٌ وَزَبُورٌ مَعًا، أَيْ هُوَ مُعْجِزَةٌ وَكِتَابُ شَرْعٍ. وَذَلِكَ مِنْ مَزَايَا الْقُرْآنِ الَّتِي لَمْ يُشَارِكْهُ فِيهَا كِتَابٌ آخَرُ، وَلَا مُعْجِزَةٌ أُخْرَى، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَقالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آياتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ سُورَة العنكبوت [50، 51] .
وَفِي الْحَدِيثِ: أَنَّ النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ نَبِيءٌ إِلَّا أُوتِيَ مِنَ الْآيَاتِ مَا مِثْلُهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَيَّ فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ»
. وَالتَّبْيِينُ: إِيضَاحُ الْمَعْنَى.
وَالتَّعْرِيفُ فِي «النَّاسِ» لِلْعُمُومِ.
وَالْإِظْهَارُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ يَقْتَضِي أَن مَا صدق الْمَوْصُولَ غَيْرُ الذِّكْرِ الْمُتَقَدِّمِ، إِذْ لَوْ كَانَ إِيَّاهُ لَكَانَ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ أَنْ يُقَالَ لِتُبَيِّنَهُ: لِلنَّاسِ. وَلِذَا فَالْأَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِمَا نَزَّلَ إِلَيْهِمُ الشَّرَائِعَ الَّتِي أَرْسَلَ اللَّهُ بِهَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَ الْقُرْآنَ جَامِعًا لَهَا وَمُبَيِّنًا لَهَا بِبَلِيغِ نَظْمِهِ وَوَفْرَةِ مَعَانِيهِ، فَيَكُونُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ [سُورَة النَّحْل: 89] .
وَإِسْنَادُ التَّبْيِينِ إِلَى النَّبِيءِ- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ الْمُبَلِّغُ لِلنَّاسِ هَذَا الْبَيَان. واللّام عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لِذِكْرِ الْعِلَّةِ الْأَصْلِيَّةِ فِي إِنْزَالِ الْقُرْآنِ.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 163
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست