responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 161
الْكَلَامِ آنِفًا حِكَايَةُ تَكْذِيبِهِمْ إِيَّاهُ تَصْرِيحًا وَتَعْرِيضًا، فَأَقْبَلَ اللَّهُ عَلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْخِطَابِ لِمَا فِي هَذَا الْكَلَامِ مِنْ تَنْوِيهِ مَنْزِلَتِهِ بِأَنَّهُ فِي مَنْزِلَةِ الرُّسُلِ الْأَوَّلِينَ- عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-.
وَفِي هَذَا الْخِطَابِ تَعْرِيضٌ بِالْمُشْرِكِينَ، وَلِذَلِكَ الْتَفَتَ إِلَى خِطَابِهِمْ بقوله تَعَالَى:
فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ.
وَصِيغَةُ الْقَصْرِ لِقَلْبِ اعْتِقَادِ الْمُشْرِكِينَ وَقَوْلِهِمْ: أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَسُولًا [سُورَة الْإِسْرَاء: 94] ، فَقُصِرَ الْإِرْسَالُ عَلَى التَّعَلُّقِ بِرِجَالٍ مَوْصُوفِينَ بِأَنَّهُمْ يُوحَى إِلَيْهِمْ.
ثُمَّ أَشْهَدَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ بِشَوَاهِدِ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ وَأَقْبَلَ عَلَيْهِمْ بِالْخِطَابِ تَوْبِيخًا لَهُمْ لِأَنَّ التَّوْبِيخَ يُنَاسِبُهُ الْخِطَابُ لِكَوْنِهِ أَوْقَعَ فِي نَفْسِ الْمُوَبَّخِ، فَاحْتَجَّ عَلَيْهِم بقوله: فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ إِلَخْ. فَهَذَا احْتِجَاجٌ بِأَهْلِ الْأَدْيَانِ السَّابِقِينَ أَهْلِ الْكُتُبِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئَةِ.
والذِّكْرِ: كِتَابُ الشَّرِيعَةِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَقالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ فِي أول سُورَة الْحِجْرِ [6] .
وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ إِيمَاءً إِلَى أَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّهُمْ قَصَدُوا الْمُكَابَرَةَ وَالتَّمْوِيهَ لِتَضْلِيلِ الدَّهْمَاءِ، فَلِذَلِكَ جِيءَ فِي الشَّرْطِ بِحَرْفِ إِنْ الَّتِي تَرِدُ فِي
الشَّرْطِ الْمَظْنُونِ عَدَمَ وجوده.
وَجُمْلَة فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ جُمْلَةِ وَما أَرْسَلْنا وَبَيْنَ قَوْلِهِ تَعَالَى:
بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ.
وَالْجُمْلَةُ الْمُعْتَرِضَةُ تَقْتَرِنُ بِالْفَاءِ إِذَا كَانَ مَعْنَى الْجُمْلَةِ مُفَرَّعًا عَلَى مَا قَبْلَهُ، وَقَدْ جَعَلَهَا فِي «الْكَشَّافِ» مُعْتَرِضَةً عَلَى اعْتِبَارِ وُجُوهٍ ذَكَرَهَا فِي مُتَعَلِّقِ قَوْلِهِ تَعَالَى: بِالْبَيِّناتِ.
وَنُقِلَ عَنْهُ فِي سُورَةِ الْإِنْسَانِ [29] عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا أَنَّهُ لَا تَقْتَرِنُ الْجُمْلَةُ الْمُعْتَرِضَةُ بِالْفَاءِ. وَتَرَدَّدَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» فِي صِحَّةِ ذَلِكَ عَنْهُ لِمُخَالَفَتِهِ كَلَامَهُ فِي آيَةِ سُورَةِ النَّحْلِ.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 161
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست