responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 13  صفحه : 6
وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ قَوْمَهَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَيُحَرِّمُونَ الْحَرَامَ، وَذَلِكَ لَا يُنَافِي أَنَّهُمْ كَانُوا مُشْرِكِينَ فَإِنَّ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الْعَرَبِ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ أَيْضًا، قَالَ تَعَالَى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [سُورَة العنكبوت: 61] وَكَانُوا يَعْرِفُونَ الْبِرَّ وَالذَّنْبَ.
وَفِي اعْتِرَافِ امْرَأَةِ الْعَزِيزِ بِحَضْرَةِ الْمَلِكِ عِبْرَةٌ بِفَضِيلَةِ الِاعْتِرَافِ بِالْحَقِّ، وَتَبْرِئَةُ الْبَرِيءِ مِمَّا أُلْصِقَ بِهِ، وَمِنْ خَشْيَةِ عِقَابِ اللَّهِ الْخَائِنِينَ.
وَقِيلَ: هَذَا الْكَلَامُ كَلَامُ يُوسُفَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ: ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ
فَسْئَلْهُ مَا بالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَ
الْآيَة [سُورَة يُوسُف: 50] .
وَقَوْلُهُ: قالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ راوَدْتُنَّ يُوسُفَ- إِلَى قَوْلِهِ- وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ [سُورَة يُوسُف: 51- 52] اعْتِرَاضٌ فِي خِلَالِ كَلَامِ يُوسُفَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ-.
وَبِذَلِكَ فَسَّرَهَا مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَأَبُو صَالِحٍ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَالْحَسَنُ وَالضَّحَّاكُ وَالسُّدِّيُّ وَابْنُ جُبَيْرٍ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الطَّبَرِيُّ. قَالَ فِي «الْكَشَّافِ» : (وَكَفَى بِالْمَعْنَى دَلِيلًا قَائِدًا إِلَى أَنْ يُجْعَلَ مِنْ كَلَامِ يُوسُفَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ-، وَنَحْوُهُ قَوْلُهُ: قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَساحِرٌ عَلِيمٌ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ- ثُمَّ قَالَ- فَماذا تَأْمُرُونَ [سُورَة الْأَعْرَاف:
109- 110] وَهُوَ مِنْ كَلَامِ فِرْعَوْنَ يُخَاطِبُهُمْ وَيَسْتَشِيرُهُمْ) اه. يُرِيدُ أَنَّ مَعْنَى هَذِهِ الْجُمْلَةِ أَلْيَقُ بِأَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ يُوسُفَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- لِأَنَّ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَصْدُرَ عَنْ قَلْبٍ مَلِيءٍ بِالْمَعْرِفَةِ.
وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ ضَمِيرُ الْغَيْبَةِ فِي قَوْلِهِ: لَمْ أَخُنْهُ [سُورَة يُوسُف: 52] عَائِدًا إِلَى مَعْلُومٍ مِنْ مَقَامِ الْقَضِيَّةِ وَهُوَ الْعَزِيزُ، أَيْ لَمْ أَخُنْ سَيِّدِي فِي حُرْمَتِهِ حَالَ مَغِيبِهِ.
وَيَكُونُ مَعْنَى وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِلَخْ.. مِثْلَ مَا تَقَدَّمَ قَصَدَ بِهِ التَّوَاضُعَ، أَيْ لَسْتُ أَقُولُ هَذَا ادِّعَاءً بِأَنَّ نَفْسِي بَرِيئَةٌ مِنِ ارْتِكَابِ الذُّنُوبِ إِلَّا مُدَّةَ رَحْمَةِ اللَّهِ النَّفْسَ بِتَوْفِيقِهَا لِأَكُفَّ عَنِ السُّوءِ، أَيْ أَنِّي لَمْ أَفْعَلْ مَا اتُّهِمْتُ بِهِ وَأَنَا لست بمعصوم.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 13  صفحه : 6
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست