responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 11  صفحه : 62
وَلَمَّا كَانَ مَصِيرُ الْفِقْهِ سَجِيَّةً لَا يَحْصُلُ إِلَّا بِمُزَاوَلَةِ مَا يُبَلِّغُ إِلَى ذَلِكَ كَانَتْ صِيغَةُ التَّفَعُّلِ الْمُؤْذِنَةُ بِالتَّكَلُّفِ مُتَعَيِّنَةً لِأَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَا تَكَلُّفُ حُصُولِ الْفِقْهِ، أَيِ الْفَهْمِ فِي الدِّينِ. وَفِي هَذَا إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ فَهْمَ الدِّينِ أَمْرٌ دَقِيقُ الْمَسْلَكِ لَا يَحْصُلُ بِسُهُولَةٍ، وَلِذَلِكَ جَاءَ
فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيَّرَا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ»
، وَلِذَلِكَ جَزَمَ الْعُلَمَاءُ بِأَنَّ الْفِقْهَ أَفْضَلُ الْعُلُومِ.
وَقَدْ ضَبَطَ الْعُلَمَاءُ حَقِيقَةَ الْفِقْهِ بِأَنَّهُ الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْعَمَلِيَّةِ الْمُكْتَسَبِ مِنْ أَدِلَّتِهَا التَّفْصِيلِيَّةِ بِالِاجْتِهَادِ.
وَالْإِنْذَارُ: الْإِخْبَارُ بِمَا يُتَوَقَّعُ مِنْهُ شَرٌّ. وَالْمُرَادُ هُنَا الْإِنْذَارُ مِنَ الْمُهْلِكَاتِ فِي الْآخِرَةِ.
وَمِنْهُ النَّذِيرُ. وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [119] ، فَالْإِنْذَارُ هُوَ الْمَوْعِظَةُ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَهَمُّ، لِأَنَّ التَّخْلِيَةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى التَّحْلِيَةِ، وَلِأَنَّهُ مَا مِنْ إِرْشَادٍ إِلَى الْخَيْرِ إِلَّا وَهُوَ يَشْتَمِلُ عَلَى إِنْذَارٍ مِنْ ضِدِّهِ. وَيَدْخُلُ فِي مَعْنَى الْإِنْذَارِ تَعْلِيمُ النَّاسِ مَا يُمَيِّزُونَ بِهِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَبَيْنَ الصَّوَابِ وَالْخَطَأِ وَذَلِكَ بِأَدَاءِ الْعَالِمِ بَثَّ عُلُومِ الدِّينِ لِلْمُتَعَلِّمِينَ.
وَحَذْفُ مَفْعُولِ يَحْذَرُونَ لِلتَّعْمِيمِ، أَيْ يَحْذَرُونَ مَا يُحْذَرُ، وَهُوَ فِعْلُ الْمُحَرَّمَاتِ وَتَرْكُ الْوَاجِبَاتِ. وَاقْتَصَرَ عَلَى الْحِذْرِ دُونَ الْعَمَلِ لِلْإِنْذَارِ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْإِنْذَارِ التَّحْذِيرُ، وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ يُفِيد الْأَمريْنِ.
[123]

[سُورَة التَّوْبَة (9) : آيَة 123]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (123)
كَانَ جَمِيعُ بِلَادِ الْعَرَبِ خَلَصَ لِلْإِسْلَامِ قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَكَانَتْ تُخُومُ بِلَادِ الْإِسْلَامِ مُجَاوِرَةً لِبِلَادِ الشَّامِ مَقَرِّ نَصَارَى الْعَرَبِ، وَكَانُوا تَحْتَ حُكْمِ الرُّومِ، فَكَانَتْ غَزْوَةُ تَبُوكَ أَوَّلَ غَزْوَةٍ لِلْإِسْلَامِ تَجَاوَزَتْ بِلَادَ الْعَرَبِ إِلَى مَشَارِفِ الشَّامِ وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا قِتَالٌ وَلَكِنْ وُضِعَتِ الْجِزْيَةُ عَلَى أَيْلَةَ وَبُصْرَى، وَكَانَتْ تِلْكَ الْغَزْوَةُ إِرْهَابًا لِلنَّصَارَى، وَنَزَلَتْ سُورَةُ
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 11  صفحه : 62
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست